للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَ ذلِكَ فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ فِي بَنِي عَمْرٍو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ مِرْبَداً لِلتَّمْر لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ: هذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلُ ثُمَّ دَعَا رَسُولَ اللَّهِ الْغُلَامَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِداً فَقَالا: لَا بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَبى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَقْبلَهُ مِنْهُمَا هِبَةً حَتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِداً وَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ يَنْقُلُ مَعَهُمْ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ:

هذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالُ خَيْبَرْ … هذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ (١)

وَيَقُولُ:

اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَهْ … فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ

فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي (٢). قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامَ غَيْرِ هذِهِ الْأَبْيَاتِ (٣).

وَقَالَ أَنَسٌ : أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ (٤)


(١) هذا الحمال أي هذا المحمول وهو اللبن الذي يبنى به بيت الله تعالى أبر وأزكى وأكثر ثوابًا عند الله تعالى من كل شيء حتى من محمول خيبر كتمر وزبيب مما يغتبط به حاملوه، وقوله ربنا: أي يا ربنا.
(٢) قد سمى لغيره بأنه عبد الله بن رواحة.
(٣) الممنوع عليه إنشاء الشعر لا إنشاده وهذا إنشاد.
(٤) مردف أبا بكر، أي أركبه خلفه على الراحلة التى هو عليها، وأبو بكر شيخ قد ظهر الشيب في لحيته بخلاف النبي فلم يظهر شيبه فكأنه شاب بالنسبة لأبى بكر وإلا فهو أسن منه كما تقدم، وكان أبو بكر معروفا لأهل الجهات لتردده في التجارة بخلاف النبي .

<<  <  ج: ص:  >  >>