(الباب الأول في فضل العلم والعلماء) (١) العلم في اللغة: الإدراك، وفي الشرع: صفة توجب تمييزا لا يحتمل النقيض في الأمور المعنوية، فخرج الظن فإنه يحتمل النقيض، وخرج إدراك الحواس فإنه للأمور المحسوسة. (٢) الخشية هي الخوف والنظر بعين الإجلال. (٣) بنصب لفظ الجلالة ورفع لفظ العلماء، وبالعكس شذوذًا، فعلى الأول يكون المعنى لا يخاف الله خوفًا كاملا إلا العلماء، وعلى الثاني يكون المعنى لا ينظر الله إلى شيء من خلقه نظر إجلال إلا للعلماء العاملين بعلمهم، ولا فخر أعظم من هذا. (٤) أي لا يستوي عالم وجاهل، فبينهما فرق عظيم. (٥) أي ما يفهمها بإدراك عميق إلا أهل العلم فيفهمونها والغرض منها، وقال الله تعالى - شهد الله أنه لا إله إلا هو، والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط - فبدأ تعالى بنفسه وثنى بملائكته وثلث بأولى العلم. وقال تعالى: - ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا - أي أعطينا العلم لمن اخترناهم من عبادنا المؤمنين فهم مختارون من الخيار، وكفى بهاتين الآيتين شرفًا وفخرًا لأهل العلم. والعلم علمان: علم الظاهر وعلم الباطن فعلم الظاهر ما يلزم المكلف معرفته في العبادات والمعاملات، ومداره على التفسير والحديث والفقه، وعلم الباطن نوعان: علم معاملة وعلم مكاشفة، فعلم المعاملة فرض عين أيضًا لأن المعرض عنه هالك بسطوة ملك الملوك في الآخرة كما أن المعرض عن علم الظاهر هالك بسيف الشريعة في الدنيا. وعلم المعاملة هو النظر في تهذيب النفس وتصفية القلب من الأوصاف الذميمة كالرياء والعجب والكبر والطمع والفخر وحب العلو والشهرة في الناس وتجميلهما بالأخلاق المحمدية كالإخلاص والصبر والشكر والتواضع والقناعة والورع والزهد والتوكل على الله تعالى ولا ينال الإنسان مرتبة العلم الحقيقية إلا بالعمل بهما، فعلم بلا عمل وسيلة بلا غاية، وعكسه جناية فإذا عمل بهما ورثه الله علم ما لم يعلم قال تعالى: - واتقوا الله ويعلمكم الله - وهو علم المكاشفة الذي هو نور يقذفه الله=