(٢) فكان الأصحاب لا يقومون للنبي ﷺ إذا قدم عليهم لما يعلمونه من كراهته للقيام، وحاصل المقام أن جماعة من أهل العلم قالوا بكراهة القيام للقادم لظاهر هذه الأحاديث الثلاثة، وقال الجمهور: إن هذا مردود لأن حديث أبى أمامة لا يحتج به كما سبق، وحديث أبى مجلز ليس صريحا لهم كما سبق أيضا، وحديث أنس يمكن تأويله بأن هذا كان من النبي ﷺ زيادة في التواضع، وخوفًا على الأمة من زيادة تعظيمه فربما جرهم إلى ما وقع فيه بعض اليهود والنصارى الذين قال الله فيهم ﴿وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله﴾ وربما جرهم إلى عمل الأعاجم من السجود لرؤسائهم كما سبق في حديث قيس بن سعد في حقوق الزوج على امرأته من كتاب النكاح، بل قال الجمهور: إن القيام لأهل الفضل مستحب للحديثين الأولين والعمل السلف والخلف على القيام من غير نكير، وهذا هو الحق فإن الله تعالى قال في الهدى للحرم ﴿ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب﴾، فإذا كان تعظيم الهدى من التقوى وكمال الإيمان فأولى تعظيم المؤمن الذي هو أفضل من الحرم بل أفضل من الكعبة كما قال ابن عمر ﵁ يخاطب الكعبة: ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك، والله أعلم؛ نسأل الله التوفيق والهداية لأقوم طريق آمين.
ومنها إنزال الناس منازلهم (٣) فالمطلوب النظر إلى كل شخص من حاله الذي هو فيه فيضعه في قلبه كما هو ويعامله كما هو نزولا على حكم الله له. (٤) جمع خليفة، أي يخلف بعضكم بعضا فيها. (٥) بالإيمان والعلم والجاه والمال والأولاد ليختبركم بذلك. (٦) إن ربك سريع العقاب من عصاه وإنه لغفور رحيم بالمؤمنين.