للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الخامس في الشراب (١)

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ (٢)﴾. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ﴾ (٣).

• عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «رُفِعَتْ إِلَيَّ السِّدْرَةُ (٤) فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهْرَانِ باطِنَان فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ وَأُتِيتُ بِثَلَاثةِ أَقْدَاحٍ قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ وَقَدَحٌ فِيهِ عَسَلٌ وَقَدَحٌ فِيهِ خَمْرٌ فَأَخَذْتُ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ فَشَرِبْتُ فَقِيلَ لِي أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ».

وَأُتِيَ النَّبِيُّ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ (٥) بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ وَلَوْ أَخَذْتُ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ : لِمَّا خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَرَرْنَا بِرَاعٍ وَقَدْ عَطِشَ النَّبِيُّ فَحلَبْتُ لَهُ كَثْبَةً (٦) مِنْ لَبَنٍ فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَشَرِبَ حَتَّى رضيتُ رَوَى هذِهِ الثَّلَاثَةَ الشَّيْخَانِ.


الفصل الخامس في الشراب
(١) أي في بيان ما شربه النبي وما كان مشهورا عند العرب. وليس المراد حصر المشروب في الآتي والنهي عن غيره.
(٢) فكأن الله تعالى يقول: يا عبادي لَكم في الأنعام عبرة بليغة وهي أننا خلقنا لكم من بين فرثها ودمها لبنًا خالصًا سائغًا للشاربين: جدت قدرته.
(٣) يخرج من بطونها أي النحل شراب ذو ألوان فيه شفاء للناس وهو العسل، عظمت حكمة ربنا وكثرت نعمه فله الشكر بقدرها.
(٤) قوله رفعت إليّ السدرة أي سدرة المنتهى وهي شجرة عظيمة بعد السماء السابعة رآها النبي ليلة المعراج مجللة بآيات بينات. قال تعالى: ﴿إذ يغشى السدرة ما يغشى﴾ وقوله أربعة أنهار أي تخرج من أصلها، أما الباطنان ففي الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات وقدرة الله أوسع من ذلك. وقوله أصبت الفطرة أي الدين الحنيف قال تعالى: ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها﴾.
(٥) بإيلياء أي بيت القدس. وقوله ولو أخذت الخمر غوت أمتك أي ضلوا كلهم وهلكوا.
(٦) أصل الكثبة: القليل من الماء واللبن. والمراد هنا قدح لبن.

<<  <  ج: ص:  >  >>