فأفصح العلم إفصاحًا وقال له … بأينا الله في فرقانه اتصفا فبان للعقل أن العلم سيده … فقبل العقل رأس العلم وانصرفا وقد فاتني الكلام على حكم تعلم العلم، وجل من لا يسهو. أعلم وفقني الله وإياك أن العلم فرض عين على كل مكلف لقوله تعالى - فاعلم أنه لا إله إلا الله - أي اعتقد أنه لا معبود بحق إلا الله واعرف أسماءه وصفاته التي وردت في الكتاب والسنة، وهذا كاف في أصل المعرفة، وأما كمالها فلا بد فيه من الدليل العقلي لأنه هو الذي يفيد المعرفة اليقينية الثابتة، وبسط ذلك في علم التوحيد ولقوله تعالى - فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الذين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون - ولقول رسول الله ﷺ "طلب العلم فريضة على كل مسلم وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب" رواه ابن ماجه وغيره، وللطبراني في الأوسط: تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والوقار وتواضعوا لمن تعلمون منه. والله أعلم.
(الباب الثاني في وجوب تبليغ العلم وفضل نشره) (١) أي واذكر يا محمد للناس ما فعله الله مع العلماء قديمًا، فإنه أخذ منهم المواثيق والعهود على أن يعلموا العلم للناس ولا يكتموه ولا يأخذوا عليه ثمنًا فخالف بعضهم وحق عليه الوعيد .. وأنتم يا أهل العلم مثلهم فالعهد باق ما دامت العلماء والناس. (٢) اللام للأمر كقوله تعالى ﴿لينفق ذو سعة من سعته﴾. (٣) الحاضر الذي سمع مني. (٤) الذي لم يسمع مني. (٥) أي فإني أرجو أن يبلغ السامع منى شخصًا يكون أحرص وأحفظ للحديث من السامع، فضمير له يعود على الحديث المعلوم من المقام، وضمير منه يعود على الشاهد، فالتبليغ واجب لحفظ الشريعة من الضياع وربما صادف لبيبًا نحريرًا استخرج منه أحكامًا لم يفهمها السابق. (٦) أمر وهو للوجوب. (٧) والحديث أولى، فإن القرآن محفوظ، قال تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".