للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(خاتمة) الأفضل التوكل على اللَّه (١)

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ (٢) ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾. صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ.

• عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ يَوْماً فَقَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ (٣) فَجعلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلَانِ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ وَرَأَيْتُ سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ الْأُفُقَ (٤) فَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ أُمَّتِي فَقِيلَ هذَا مُوسى وَقَوْمُهُ ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ فَرَأَيْتُ سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ الْأُفُقَ فَقِيلَ لِي انْظُرْ هكَذَا وَهكَذَا (٥) فَرَأَيْتُ سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ الْأُفُقَ فَقِيلَ هؤُلَاءِ أُمَّتُكَ وَمَعَ هؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفاً يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ (٦) فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ » فَقَالُوا: أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ وَلكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلكِنْ هؤُلَاءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا فَبَلَغَ النَّبِيَّ فَقَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لَا يَتَطَيَّرُونَ (٧) وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَقَامَ آخَرُ» فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ». رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ (٨).


خاتمة الأفضل التوكل على الله تعالى
(١) أي الأفضل التوكل على الله تعالى وترك التداوي مطلقًا لأن النفس تركن إليها نوعا ما وهذه صفة خواص الأولياء ولا يرد أن النبي تداوى وأمر به لأنه كان في أعلى درجات العرفان والتوكل فلا تؤثر الأسباب فيه شيئًا، وأيضا كان ذلك منه لبيان الجواز والتشريع لأمته.
(٢) فمن يتوكل على الله فإنه يكفيه كل شيء.
(٣) أي في منامي.
(٤) أي ناسًا كثيرين لا يدركهم الطرف.
(٥) أي يمينًا وشمالا فرأيت قومًا أكثر ممن قبلهم.
(٦) أي السبعين ألفا.
(٧) هم الذين لا يتطيرون أي لا يتشاءمون من شيء ولا يستعملون الكي ولا الرقية لأن فاعلهما لا يأمن من ركون نفسه إليها فيكون شركًا خفيا بل هم على ربهم يتوكلون في كل شيء، ودخول هؤلاء الجماعة بغير حساب لا يقتضي أفضليتهم على بقية الأمة لأن المزية لا تقتضي الأفضلية كما هو معلوم.
(٨) ولكن البخاري هنا ومسلم في الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>