للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْراهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَجَعَلَهَا حَرَماً وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ حَرَاماً مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْهَا أَلا يُهَرَاقَ فِيهَا دَمٌ وَلَا يُحْمَلَ فِيهَا سِلَاحٌ لِقِتَالٍ وَلَا تخْبَطَ فِيها شَجَرَةٌ إِلا لِعَلْفٍ (١)».

وَلِأَبِي دَاوُدَ: «لَا يُخْتَلَى خَلاها (٢) وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُلْتَقَط لَقَطَتهَا إِلا لِمَنْ أَنْشَدَهَا» (٣).

[من تعرض لشجر الحرم أو صيده تسلب ملابسه]

رَكِبَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَاصٍ إِلَى قصْرِهِ بِالْعَقِيقِ فَوَجَدَ عَبْداً يَقْطَعُ شَجَراً أَوْ يَخْبِطُهُ فَسَلَبَهُ فَجَاءَ أَهْلُ الْعَبْدِ فَكَلَّمُوهُ فِي رَدِّ مَا أَخَذَهُ مِنَ الْغُلَامِ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئاً نَفَّلَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ وَأَبى أَنْ يَرُدَّ عَليْهِمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ. وَلَفْظهُ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «مَنْ قَطَعَ مِنْ شَجَرِ الْمَدِينَةِ شَيْئاً فَلِمَنْ أَخَذَهُ سَلَبُهُ» (٤).

• وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ حَرَّمَ هذَا الْحَرَمَ (٥) وَقَالَ: «مَنْ وَجَدَ أَحَداً يَصِيدُ فِيهِ فَلْبَسْلُبْهُ ثِيَابَهُ» (٦) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


(١) قوله مأزميها تثنية مأزم كمسجد وهو الجبل.
(٢) بسند صحيح.
(٣) الخلا بالقصر: الرطب من الكلأ، فالمدينة وحرمها الذي هو بريد من كل جهة حرام على كل إنسان يحرم عليه التعرض لصيدها وشجرها ونباتها إلا ما تمس الحاجة إليه من هذين، وأولى سفك الدماء، ولا يجوز أخذ لقطها إلا لمن يعرفها دائما فلا تملك لقطتها أبدًا، وعليه الشافعي وجماعة، وقال مالك: يجوز تملكها بعد تعريفها سنة وتأتي اللقطة في بابها وافية إن شاء الله.

من تعرض لشجر الحرم أو صيده تسلب ملابسه
(٤) فسلبه أي أخذ ما معه من ثياب وغيرها ولكن أبقى له ما يستر عورته وقوله نفلنيه أي جعله لي نفلا خالصًا.
(٥) الإشارة إلى حرم المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
(٦) فالتعرض لشجر حرم المدينة أو صيده حرام ولكن لأندية فيه إنما يؤخذ سلب من تعرض لها وهو للآخذ الظاهر هذه النصوص وعليه بعض الصحب وقيل لمساكين المدينة وقيل لبيت المال. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>