للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً (١) يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ (٢) كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ نُزُلاً لِأَهْلِ الْجَنَّةِ (٣)»، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: بَارَكَ الرَّحْمنُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَلَا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «بَلَى»، قاَلَ: تَكُونُ الْأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً ـ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ فَنَظَرَ النَّبِيُّ إِلَيْنَا حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قاَلَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ»؟ قَالَ: «إِدَامُهُمْ بَالَامٌ وَنُونٌ»، قاَلُوا: وَمَا هذَا؟ قَالَ: «ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا (٤)»، رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ (٥) نَسْأَلُ اللَّهَ رِضَاهُ وَالْجَنَّةَ آمِين.

كلام اللَّه جل شأنه يوم القيامة

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (٦)﴾ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ.

• عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ (٧)»، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (٨).


(١) فأرض الدنيا تكون في الآخرة خبزة واحدة أي كعجينة توضع في الحفرة بعد إيقاد النار فيها.
(٢) يقلبها من هاهنا إلى هاهنا.
(٣) يأكلون منها في الموقف قبل دخول الجنة، فالله تعالى سيغير طبع أرض الدنيا إلى هذه الحال، وللطبراني: تكون الأرض خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدمية، وقال عكرمة: تبدل الأرض مثل الخبزة يأكل منها أهل الإسلام حتى يفرغوا من الحساب ولا يعاقبون بالجوع في طول الموقف، فظاهره أن هذا الوصف لأرض الدنيا بعد تبديلها ويكون هذا هو المراد من التبديل.
(٤) فالبالام: الثور باللغة العبرانية، والنون: الحوت، فكثير من أهل الجنة سيأكلون من زائدة كبد الثور والحوت، ولعل ذلك أول طعام أهل الجنة كما سبق في تفسير: من كان عدوا لجبريل، في سورة البقرة.
(٥) ولكن البخاري في الرقائق ومسلم هنا والله أعلم.

كلام الله جل شأنه يوم القيامة
(٦) ﴿لمن الملك اليوم﴾ يقول ذلك جل شأنه فلا يجيبه أحد فيجيب نفسه بقوله: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (١٧)﴾.
(٧) يقبض ويطوى ويأخذ كلهن بمعنى واحد يجمعهن ويرفعهن ويبدلهن، فالله تعالى بعد فناء خلقه يقبض الأرض والسموات ثم يقول لنفسه: أنا الملك أي المالك لهذا الكون فأين ملوك الأرض الذين كانوا عليها.
(٨) البخاري في الرقائق ومسلم هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>