للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السعي بين الصفا والمروة (١)

• عَنْ عَاصِمٍ قُلْتُ لأَنَسٍ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ لأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ (٢) حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ (٣)﴾ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا (٤). رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَقَالَ عُرْوَةُ قُلْتُ لِعَائِشَةَ : إِنِّي لأَظُنُّ رَجُلاً لَوْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَا ضَرَّهُ قَالتْ: لِمَ؟ قُلْتُ: لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ فَقَالَتْ: مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ امْرِئٍ وَلَا عُمْرَتَهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، وَهَلْ تَدْرِي فِيمَا كَانَ ذَاكَ (٥)؟ إِنَّ الأَنْصَارَ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُهِلُّون لِصَنَمَيْنِ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ (٦) يُقَالُ لَهُمَا إِسَافٌ وَنَائِلَهُ ثُمَّ يَجِيئُونَ فَيَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ يَحْلِقُونَ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ كَرِهُوا الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ


السعي بين الصفا والمروة
(١) الصفا جمع صفاة كقناة وهو الحجر الأملس، والمروة حجر أبيض براق، والمراد مكانان هناك بجوار المسجد الحرام من الجهة الشرقية.
(٢) أهل مكة ومن دان دينهم ومن على شاكلتهم.
(٣) جمع شعيرة وهى العلامة أي من أعلام مناسك دينه.
(٤) فالآية أفادت نفى الذنب الذي كانوا يفهمونه من السعى بينهما، والوجوب أتى من فعل النبي المبين للأمر الإجمالي في قوله تعالى ﴿وأتموا الحج والعمرة لله﴾.
(٥) أي سبب نزولها بهذا الأسلوب.
(٦) أي كانوا يأتون لعبادة هذين الصنمين الموضوعين على شط البحر، هذا خطأ والصواب ما يأتى من أنهم كانوا يأتون لعبادة مناة الطاغية وهى بالحرم وليست على شط البحر بل إساف ونائلة أيضًا بالحرم، فإنهما على الصفا والمروة، وإساف ككتاب وكسحاب صنم وضعه عمرو بن لحي على الصفا ونائلة على المروة، وكان يذبح عليهما، أو هما إساف بن عمرو ونائلة بنت سهل زنيا في الكعبة فمسخا حجرين ونصبا ليتعظ الناس بهما، وكان إساف على صورة الرجل ونائلة على صورة المرأة؛ فصارت قريش تعبدهما بعد ذلك حتى فتحت مكة فكسرهما النبي .

<<  <  ج: ص:  >  >>