للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ نَكَسَ رَأْسَهُ ونَكَسَ أَصْحَابُهُ رُؤُوسَهُمْ فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ (١) رَفَعَ رَأْسَهُ. رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.

[أول نزول الوحي بالنبوة والرسالة]

• عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ (٢) ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ (٣) وكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ ـ أَيْ يَتَعَبَّدُ ـ فِيهِ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِع إِلَى أَهْلِهِ (٤) وَيَتَزَوَّدُ لِذلِكَ (٥)، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ


(١) وفي رواية: فلما أتلى عنه وفي أخرى فلما سرى عنه ومعناهما واحد أي لما تركه رفع رأسه ومعنى ما تقدم أن جبريل كان يجيء للنبي بحالتين إحداهما في صورة رجل ذي هيئة له لحية وعليه ملابس نظيفة كأنه دحية الكلبي فيكلم النبي بما أمر به ويذهب، وهذه حال سهلة على النبي لأنه في صورة آدمي مثله، والأخرى يجيئه غير ظاهر ولكنه يسمع صوتًا كصلصلة الجرس إذا وقع على شيء صلب كحجر، وهذه كانت شديدة على النبي حتى كان يتغير وجهه ويمتلئ جبينه بالعرق ولو كان البرد شديدا، وكان النبي في هذه الحال ينكس رأسه ويتبعه الأصحاب إن كانوا معه ويتحرك لسانه وشفتاه بتلقي الوحي وعلى كل كان يعي ما يلقيه عليه ويحفظه تماما ، بقي من أنواع الوحي الرؤيا المنامية وستأتي في أول نزول الوحي والإلهام القلبي لحديث» إن روح القدس نفث في رُوعى لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب» ولقول الله جل شأنه» وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا» في المنام والإلهام» أو من وراء حجاب» كما كلم موسى » أو يرسل رسولا» كجبريل » فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليّ حكيم» صدق الله العظيم والله أعلى وأعلم.

أول نزول الوحي بالنبوة والرسالة
(٢) في الوضوح لأنها وحي من الله تعالى.
(٣) أي حبب الله له أن يختلى عن الناس في غار جبل حراء على ثلاثة أميال من مكة فيتحنث فيه أي يعبد ربه على دين أبيه إبراهيم ويتفكر في مصنوعات الله استعدادا للوحي الإلهي، وهذا أصل الخلوة التي اتخذها الصوفية عند إرادة الوصول إلى ملك الملوك جل شأنه.
(٤) أي يرجع لهم.
(٥) ويتزود لذلك أي يأخذ الزاد للاختلاء فإذا فرغ رجع إلى خديجة فتزود ورجع لخلوته.

<<  <  ج: ص:  >  >>