(الباب الأول في النية والإخلاص ومزاياها) (١) النية في اللغة: القصد، وحقيقتها شرعًا قصد الشيء مقترنًا بفعله، وحكمها أنها فرض في كل عمل ومحلها القلب فلا يكفي النطق مع الغفلة والنسيان لحديث وإنما لكل امرى ما نوى، ولا نية للناسي والمخطئ ولكن لو تلفظ بها لكان أحسن ليساعد اللسان القلب وزمن النية أول العبادة ليكون العمل مقرونًا بها من أوله إلا إذا تعذر معرفة الأول كالصوم، فإنه لما تعذر معرفة أول النهار أوجبها الشارع من الليل، وسيأتي في الصوم "من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له" وكيفية النية تختلف باختلاف الأعمال، في الوضوء بنوي الوضوء وفي الصلاة ينوى الصلاة وهكذا. وشرط النية إسلام الناوي وتمييزه وعلمه بالمنوى واستصحابها للعمل ولو حكما بألا يوجد ما ينافيها والجزم بها فلو قال نويت كذا إن شاء الله وقصد التعليق أو أطلق لم تصح وإن قصد التبرك صحت. والمقصود بها تمييز أنواع العبادة بعضها عن بعض كتمييز الظهر عن العصر والمغرب من العشاء وهكذا. وهذه هي مباحث النية المذكورة في قول بعضهم. حقيقة حكم محل وزمن … كيفية شرط ومقصود حسن (٢) في اللغة التصفية وتمييز الشيء عن غيره، وشرعة إتقان العبادة لله تعالى كأنك تراه. (٣) أي النية والإخلاص، فمزية النية صحة العبادة وتمييزها عن العادة، فإن الشيء الواحد يكون بالنية عبادة وبدونها عادة كالجلوس في المسجد بنية الاعتكاف عبادة وبدونها كقصد الاستراحة يكون عادة، وكالنسل بنية شرعية كالطهارة من الجنابة يكون عبادة وبقصد النظافة يكون عادة بل بالنية الصالحة تصير العادات عبادات كالأكل والشرب والنوم بنية التقوى على طاعة الله واللبس بنية ستر العورة والتجمل في طاعة الله والنباح بقصد الإعفاف والتناسل كما أمر الله، وسيأتي في الصدقة: "إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهي له صدقة"، ومزايا الإخلاص لذة المناجاة ومضاعفة الثواب وصفاء الباطن وتنوير القلوب حتى نكون على استعداد للتأثر بالعبر والمواعظ - ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ - وكفاه شرفًا أن الله تعالى لا يمنحه إلا لأحبابه، قال الله تعالى=