للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نوع من الصدقة الفضلى]

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ (١).

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْراً؟ قَالَ: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ (٢) تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى (٣) وَلَا تُهْمِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ». رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ.

• وَعَنْهُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جُهْدُ الْمُقِلِّ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ (٤)». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

• وَعَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ؟ قَالَ: «رَجُلٌ لَهُ دِرْهِمَانٍ فَأَخَذَ أَحَدَهُمَا فَتَصَدَّقَ بِهِ، وَرَجُلٌ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ فَأَخَذَ مِنْ عُرْضِ مَالِهِ (٥) مِائَةَ أَلْفٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا». رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.


=مؤتجرًا بها فله أجرها، والمراد بنية الاحتساب ما يعم الإضافة إلى الله تعالى كقوله: نويت الإنفاق لله تعالى أو كأن يخطر بباله وقتها أن الله أمره بهذا أو أن الله يحب هذا، أو أن الله مطلع عليه ونحو ذلك والله أعلم.

نوع من الصدقة الفضلى
(١) لما فيه من مجاهدة النفس وإكرام الآخذ.
(٢) أي حريص.
(٣) تخاف الفقر، وترجو الغنى، وتتمناه، ولا تمهل الصدقة، حتى إذا بلغت الروح الحلقوم، أي ولا تتأخر حتى إذا وصلت إلى النزع شرعت في الصدقة، فإنها هنا قليلة الثواب لمظنة الخوف من الموت، بخلاف الصدقة في الصحة مع حرص النفس، فثوابها عظيم لما فيها من مجاهدة النفس.
(٤) الجهد في اللغة بالضم والفتح، وهو هنا بالضم معناه الطاقة، والمقل قليل المال؛ فالصدقة مع قلة المال ثوابها عظيم المجاهدة نفسه وإيثاره الغير عليها.
(٥) العرض - بالضم - الجانب، فلما كان مال الأول قليلا وتصدق بنصفه كان من جهد المقل وفاق الدرهم مائة ألف، بخلاف الثاني فإن الإنفاق وإن عظم لا يشق عليه فكان ثوابه قليلا. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>