للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث: في الخطبة (١)

• عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ يَخْطُبُ قَائِماً (٢)، ثُمَّ يَقْعُدُ، ثُمَّ يَقُومُ كَمَا تَفْعَلُونَ الآنَ (٣). رَوَاهُ الخَمْسَةُ.

وَلَفْظُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَ النَّبِيُّ يَجْلِسُ إِذَا صَعِدَ المِنْبَرَ حَتَّى يَفْرُغَ المُؤَذِّنُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَلَا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ. وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَتْ لِلنَّبِيِّ خطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ.

• عَنْ جِابِرٍ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ، فَكَانَتْ صَلَاتهُ قَصْداً وَخُطْبَتُهُ قَصْداً (٤)، رَوَاهُ الخَمْسَةُ إِلا البُخَارِيَّ.

قَالَ أَبُو وَائِلٍ: خَطَبَنَا عَمَّارٌ فَأَوْجَزَ وَأَبْلَغَ (٥) فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا: يَا أَبَا اليَقْظَانِ (٦) لَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ، فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ (٧) فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ (٨) فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَأقْصُرُوا الخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْراً». رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ.


الفصل الثالث في الخطبة
(١) أي ما قاله النَّبِيّ في بعض خطبه وأنه كان يخطب خطبتين يجلس بينهما، وكان يختصر في الخطبة، ولا بد فيها من الحمد، والشهادتين، والصلاة على النَّبِيّ ، والوصية بالتقوى، وقراءة شيء من القرآن كما يؤخذ من مجموع خطبه، وبيان شروطها وأركانها مدون في كتب الفقه. وذهب الجمهور إلى وجوب الخطبة لمواظبته عليها ولحديث: صلوا كما رأيتموني أصلي. ولقوله تعالى - فاسعوا إلى ذكر الله - وفسر بالخطبة والصلاة، وما وجب السعي له فهو واجب بالأولى. وقال الحسن والجويني: إنها مندوبة فقط.
(٢) فالقيام للخطبة من شروطها لهذا، ولقوله تعالى ﴿وتركوك قائمًا﴾ وعليه جمهور العلماء وبعضهم لم يشترطه لحديث سهل: مري غلامك النجار يعمل لي أعوادًا أجلس عليهن. وهو المنبر ويجوز الجلوس لمرض أو ضعف.
(٣) يفسره ما يأتي.
(٤) القصد في الشيء هو الاقتصاد وعدم التطويل، وقيل التوسط بين الإفراط والتفريط. ومعنى ما تقدم أن النَّبِيّ كان إذا زالت الشمس صعد المنبر وجلس، فيؤذن المؤذن الأذان الشرعي، فإذا انتهى قام، خطب الخطبة الأولى، ثم جلس وسكت قليلا، ثم يقوم فيخطب الخطبة الثانية، وكان يختصر في خطبته .
(٥) اختصر في خطبته ولكنها كانت بليغة.
(٦) كنية عمار.
(٧) أي أطلت قليلا.
(٨) مئنة بفتح فكسر فتشديد، أي مظنة وعلامة على فقهه، فإن الفقيه ينظر في الكلام اللازم للقوم فيوجزه لهم ليفهموه فيتعظوا به.

<<  <  ج: ص:  >  >>