للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلامة في العزلة (١)

• عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: ياَ رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعاَبِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ (٢)»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ.

• وَعَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ خَيْرُ مَالِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْغَنَمَ يَتْبَعُ بِهاَ شَعَفَ الْجباَلِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ (٣)»، رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَاللَّهُ أعْلَمُ.

كمال الإيمان في ترك ما لا بأس به (٤)

• عَنْ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا مِمَّا بِهِ الْبَأْسُ (٥)»، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ (٦).


السلامة في العزلة عن الناس
(١) فمن ابتعد عن الناس سلم من شرهم وسلموا من شره وما أحسن قول القائل:
لقاء الناس ليس يفيد شيئا … سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلا … لأخذ العلم أو إصلاح حال
(٢) الشعب كالحمل: الوادي بين جبلين أو الطريق في الجبل، فخير الناس بعد المجاهدين من يعتزل عن الناس ويعبد ربه خاليا وحده.
(٣) شعف الجبال: أعاليها، ومواقع القطر: منابت المرعي، والغنم مثال فقط وإلا فالمراد أن أحسن عيشة للمسلم ما كان في عزلة عن الناس رعاية غنم أو بقر أو إبل أو نحوها أو زراعة أو صناعة أو وظيفة أو غيرها فيمنع شره عن الناس ويبتعد عن شرهم، وأوجب ما يكون هذا في زمن الفتن، نسأل الله السلامة منها آمين.

كمال الإيمان في ترك ما لا بأس به
(٤) البأس: الشدة والضرر، فكمال الإيمان في ترك ما لا يعني الإنسان ولو كان خاليًا من الضرر فتكون أعماله وحركاته كلها مفيدة كالشجرة المثمرة بكل أغصانها.
(٥) وفي رواية: حذرا مما به بأس، فالتقوى ترك ما لا ضرر فيه خوفا من الوقوع في الضرر، وهذا كحديث: من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه. وذلك كالمزاح.
(٦) بسند حسن الترمذي وصحيح للحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>