للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لَقَدْ بَلَغَ هذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لأَجْراً؟ فَقَالَ: «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ (١)». رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

يحرم الرجوع في العطية (٢)

• عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ (٣).

• وَعَنْهُ عِنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ (٤)». رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ (٥).


(١) فكان رجل يمشي فعطش عطشا شديدًا فوجد بئرا فشرب منها ثم رأي بعد ذلك كلبًا يلهث من العطش فقال: لقد ناله من العطش كما أصابني فنزل البئر فملأ خفه فسقاه فشكر الله له صنيعه وغفر له، فقالوا يا رسول الله وإن لنا على رحمة البهائم أجرا؟ فقال في كل إحسان إلى أي حيوان ثواب عند الله، فإن الخلق كلهم عباد الله وأحبهم إليه أنفعهم لعباده والله أعلم.

يحرم الرجوع في العطية
(٢) هبة كانت أو هدية أو صدقة إذا قبضها الآخذ لأنه ملكها بالقبض.
(٣) بيان لمثل السوء.
(٤) فالرجوع إلى أكل ما قاءه قبيح، وضربه المثل بالكلب الذي هو من أخس الحيوان في أخس أحواله تقبيح آخر للرجوع في الهبة، فهذا أبلغ وأدل على التحريم من قوله، لا تعودوا في الهبة فالعود فيها حرام، وعليه مالك والشافعي، وقالت الحنفية: لا يحرم بل يكره فقط، لحديث أبي داود والنسائي: الواهب أحق بهبته، إلا الوالد أبًا كان أو أمًّا وإن علا إذا وهب لولده - ذكر كان أو أنثى وإن سفل - شيئًا فله الرجوع فيه ولو بعد حين؛ لأن الولد وما في يده لأبيه.
(٥) بسند صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>