للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ عَلِيٌّ : «ارْتَحَلَتِ الدُّنْياَ مُدْبِرَةً وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُماَ بَنُونَ فَكونُوا مِنْ أَبْناَءِ الْاخِرَةِ وَلَا تَكونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْياَ فَكُلُّ أُمَ يَتْبَعُهاَ وَلَدُهَا وَالْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلَ (١)»، رَوَاهُماَ الْبُخَارِيُّ، نَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ لِماَ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ.

الفصل الثاني: في فضل الفقر والفقراء (٢)

• عَنْ سَعْدٍ قَالَ: كنَّا مَعَ النَّبِيِّ سِتَّةَ نَفَرٍ (٣) فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ : اطْرُدْ هؤُلَاءِ لَا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْناَ (٤) وَكنْتُ أَناَ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَبِلَالٌ


= لفعلت ما أمرني به لأن هذا نهاية أعمار الأمة المحمدية غالبا كما سبق في الجنائز: أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك، ولأبي يعلى: معترك المنايا بين ستين وسبعين.
(١) ففي دار الدنيا يعمل الناس ما يشاءون ولا محاسب لهم فإذا جاءت الآخرة قام الحساب عليهم ولا يمكنهم أي عمل وما أحسن قول القائل :
إذا هبت رياحك فاغتنمها … فإن لكل خافقة سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها … فما تدرى السكون متى يكون
إذا ظفرت يداك فلا تقصر … فإن الدهر عادته يخون
نسأل الله التوفيق لصالح العمل آمين.

الفصل الثاني في فضل الفقر والفقراء
(٢) الفقر: قلة المال أو عدمه، والفقراء: جمع فقير وهو من لا ملك له ولا كسب أوله ولكن لا يكفيه، ومن محاسن ما رأيت في كتب التوحيد المطولة أن رجلا من العلماء العارفين بالله خطر بباله عدة أسئلة منها ما حقيقة التوحيد وما حقيقة الفقر، وسأل أهل العلم الموجودين في زمانه فما أجابوه فاغتم لذلك ونام فرأى النبي في نومه فقال مالك يا فلان مهمومًا؟ فقال: يا رسول الله خطرت لي أسئلة وسألت عنها أهل العلم فما أجابني أحد فحزنت لذلك، فقال : سل ما شئت، فقال: يا رسول الله ما حقيقة التوحيد؟ فقال: ما خطر ببالك فهو هالك والله تعالى بخلاف ذلك، ثم قال: يا رسول الله ما حقيقة الفقر فقال: ألا تملك شيئا ولا يملكك شيء، أي تلاحظ أن ما بيدك ملك لله لا لك ولكنه وديعة عندك تتصرف فيه تصرف الأمين ولك أجره، ولا يملكك شيء أي تكن عبدًا لشيء بل كن عبدًا لله تعالى في كل حال، نسأل الله ذلك.
(٣) ستة أشخاص.
(٤) يقال أجترأ على القول: أسرع بالهجوم عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>