للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكلُّ ذِّلِكَ يَقُولُ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ: وَاللَّهِ لَا أُقِيدُكَهَا فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْل الْأَعْرابِيِّ أَقْبَلْناَ إِلَيْهِ سِرَاعًا (١) فَالْتَفَتَ إِلَيْناَ النَّبِيُّ فَقَالَ: «عَزَمْتُ عَلَى مَنْ سَمِعَ كَلَامِي أَلا يَبْرَحَ مَكَانَهُ حَتَّى آذَنَ لَهُ» (٢) ثُمَّ دَعَا رَجُلاً فَقَالَ لَهُ: «اْحمِلْ لَهُ عَلَى بَعِيرَيْهِ هذَيْنِ عَلَى بَعِيرٍ شَعِيراً وَعَلَى الْاخَرِ تَمْرًا» (٣) ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا ثُمَّ قَالَ: «انْصَرِفُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالشَّيْخَانِ (٤)، نَسّأَلُ اللَّهَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ آمِين.

ومنها الهدي الصالح (٥)

• عَنِ ابْنِ عَبَّاس أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّ الْهَدْيَ الصَّالِحَ وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ وَالِاقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» (٦)، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ (٧)،


(١) للبطش به.
(٢) عزمت أي أمرت أمرا مؤكدا.
(٣) أمر رجلا أن يعطيه حمل بعير من الشعير وحمل بعير آخر من التمر كطلبه فقد أحسن إلى من أساء إليه وزاد في الإحسان، ففي هذين الحديثين أعظم مثل وأجمعه وأجمله لأنه في الأول بين لنا كيف كان النبي في بيته من اللطف والتواضع والرحمة بخلق الله تعالى فلم يظهر لأهله منه كبر ولا علو بل كان كما قال الله له ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ والحديث الثاني بين لنا كيف كان النبي في الهيئة الاجتماعية مع خلق الله تعالى من كظم الغيظ والصبر وتحمل الأذى والحلم على الجاهل وترك مجازاته والصفح عن المسيء بل والإحسان إليه بأكبر إحسان كما قال الله تعالى له ﴿فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم﴾ ومن أراد البسط من أخلاقه فلينظر باب "كان" في الجامع الصغير للسيوطي ورضي عنه وحشرنا في زمرته آمين.
(٤) ولكن أبو داود هنا والبخاري في اللباس ومسلم في الزكاة.

ومنها الهدي الصالح
(٥) الهدي الصالح: هو الطريق المحمود المذكور في قوله تعالى ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين والملة الحنيفية التي أمرنا بها في قوله تعالى ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾.
(٦) السمت الصالح: حسن المنظر والهيئة كهيئة أهل الدين. والاقتصاد: سلوك القصد في الأمر والدخول فيه برفق وحال يمكنه الدوام عليه قولا كان أو فعلا.
(٧) بسند حسن. وفي رواية للطبراني: جزء من خمسة وأربعين، وفي أخرى: جزء من سبعين جزءا =

<<  <  ج: ص:  >  >>