للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ، وَاللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ (١) لَأَصْبَحَ مُوثَقاً يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ». رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّلَاةِ. وَسَبَقَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ رُؤْيَتُهُ لِلنَّارِ وَالْجَنَّةِ وَمَا فِيهِما. وَقَالَ فِي آخِره الْحَدِيثِ: «فَمَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلا رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هذَا». وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الرَّقَائِقِ: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ (٢)». نَسْأَلُ اللَّهَ كَمَالَ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ آمِينِ.

لا يموت نبي حتى يُخير بين الدنيا والآخرة (٣)

• عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولُ اللَّهِ يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَهُوَ مُسْنِدٌ إِلَى صَدْرِهَا (٤): «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي وأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ».

وَعَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ، قَالَتْ: فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ فِي مَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ (٥) يَقُولُ: «مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ


(١) دعوة سليمان هي قوله: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ فأجابه الله وسخر له كل شيء حتى الجن والشياطين، ففيه أن النبي رأى إبليس اللعين وهو في صلاته جاءه بشعلة نار ليشغله عن عبادة ربه فما قدر على هذا بل ظفر به النبي وقبض على رقبته وعصره حتى شعر بلسانه على ظهر يده وأراد أن يوثقه في عمود المسجد لينظره الناس صباحًا ولكن تذكر دعوة أخيه سليمان فرماه خاسئًا ذليلا، ومعلوم أن إبليس - لعنه الله - يقدر على التشكل بما يشاء كصاعقة محرقة وكأكبر أسد مفترس، فقهر النبي له إلى هذا الحد قوة إلهية ومعجزة نبوية لا يصل إليها أحد من البشر.
(٢) في هذين أن النبي كان يبصر ويرى كل شيء زيادة في علمه وإيمانه ومعجزاته .

لا يموت نبى حتى يخير بين الدنيا والآخرة
(٣) زيادة تكريم له ومسارعة فيما يرضيه.
(٤) وهو مسند إلى صدرها أي مسند رأسه إلى صدرها بالرفيق: أي بالرفيق الأعلى، أو بالرفيق أي الرفقة والجماعة الذين هم في الملأ الأعلى، كالنبيين والصديقين والشهداء.
(٥) وأخذته بحة أي في صوته وهي الخشونة التى تظهر في الصوت قبل الوفاة، قولها فظننته خير حينئذ فاختار الله والآخرة بقوله مع الذين أنعم الله عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>