للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السادس: في فضل الصدقة (١)

• عَنْ أَبِي ذَرَ قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّياَلِي فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ يَمْشِي وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ أَحَدٌ فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي ظِلِّ الْقَمَرِ (٢) فاَلْتَفَتَ فَرَآنِي فَقَالَ: «مَنْ هذَا»؟ قُلْتُ: أَبُو ذَرَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ قَالَ: «تَعاَلَهْ»، فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ: «إِنَّ الْمُكْثِرِينَ هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِياَمَةِ إِلا مَنْ أَعْطاَهُ اللَّهُ خَيْرًا» فَنَفَحَ فِيهِ (٣) يَمِينَهُ وَشِماَلَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً فَقَالَ: «اجْلِسْ ههُناَ» فَأَجْلَسَنِي فِي قاَعٍ (٤) حَوْلَهُ حِجَارَةٌ فَقاَلَ: «اجْلُسْ ههُناَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ» فاَنْطَلَقَ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى لَا أَرَاهُ (٥) فَلَبِثَ عَنِّي فَأَطَالَ اللُّبْثَ (٦) ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ يَقُولُ: «وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى» فَلَمَّا جَاءَ لَمْ أَصْبِرْ فَقُلْتُ: ياَ نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ مَنْ تُكُلِّمَ فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا (٧) قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ عَرَضَ لِي فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ (٨) فَقَالَ: بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ فَقُلْتُ: ياَ جِبْرِيلُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قاَلَ: نَعَمْ قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قاَلَ: نَعَمْ قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قاَلَ: نَعَمْ وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ (٩)».


الفصل السادس في فضل الصدقة
(١) سبق فضل الصدقة بتوسع في كتاب الزكاة ولكني وجدت هذه الأحاديث هنا في البخاري ورأيتها في مسلم في كتاب الزكاة فوضعها هنا بعنوان فضل الصدقة ليكون التاج جامعًا للأصول.
(٢) متسترا عنه.
(٣) فنفح فيه: ضرب يديه فيه بالعطاء.
(٤) القاع: المستوى من الأرض.
(٥) الحرة كالجرة: أرض ذات حجارة سود خارج المدينة المنورة وهي بين حرتين.
(٦) غاب فطال غيابه.
(٧) أي يكلمك.
(٨) ظهر لي فكلمني في هذه الحرة.
(٩) فيه أن من مات على كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله فهو من أهل الجنة بدون عذاب إن كان قائما بفروع الشريعة ولو قصر أو عصى وتاب إلى ربه، وبعد التطوير في النار إن لم يتب، وربما عفا الله عنه، قال صاحب الجوهرة :
ومن يمت ولم يتب من ذنبه … فأمره مفوض لربه

<<  <  ج: ص:  >  >>