للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الثالث: في مكارم الأخلاق (١)

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٢)﴾.

أعظمها كظم الغيظ وعدم الغضب (٣)

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٤)﴾ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ.

عَنْأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ (٥)»، رَوَاهُ الثَّلَاثَةُ.

• عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ»؟ قُلْناَ: الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ (٦)، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ بِالرَّقُوبِ وَلكِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئاً (٧)»، قَالَ: «فَمَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ»؟ قُلْنَا:


[في الباب الثالث في مكارم الأخلاق]
(١) مكارم الأخلاق: هي الصفات المحبوبة لله ولرسوله ككظم الغيظ والصبر والعفو ونصر السلم والشفاعة له والصدق والحياء والتواضع والكرم والسخاء والوفاء بالوعد والشكر والحذر من الله وحسن الظن بالله والناس والنصح والدلالة على الخير والعدل بين الناس والاهتمام بأمر المسلمين ومحبة الصالحين، وستأتي إن شاء الله تعالى، وهذه لا شك سبب في محبة الله ورسوله للعبد وسبب لسعادته في الدنيا والأخرى، نسأل الله حسن الأخلاق آمين.
(٢) إن الله عليم بكم خبير ببواطنكم، والله تعالى لم يعط وصف الكرم إلا للتقي وهو الفاعل للمأمورات البتعد عن المنهيات.
(٣) إنما كان كظم الغيظ أعظم المكارم لأنه لا يقدر عليه إلا الشديد على نفسة القوى في دينه.
(٤) هذا وصف المتقين الذين أعدت لهم الجنة في قوله تعالى قبلها: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ﴾ في اليسر والعسر ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ الكافّين عن إمضائه مع القدرة ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ الذين لا يعاقبون من ظلمهم ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ بهذه الأفعال أي يثيبهم عليها.
(٥) الصرعة بضم فتح كهمزة ولمزة أصله الذي يصرع الناس كثيرًا ويرميهم في الأرض لشدته، ولكن المراد به هنا من يمسك نفسه في الغضب.
(٦) أولا يعيش له ولد فهو دائما يرتب أولاده.
(٧) لم يمت أحد من أولاده في حياته.

<<  <  ج: ص:  >  >>