للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب السابع: في ليلة القدر (١)

قَالَ اللَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ﴾ (٢) فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٣) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٤) تَنَزَّلُ الْمَلَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم (٥) مّن كُلّ أَمْرٍ سَلَمٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٦).


=هنا أحاديث خمسة: الثلاثة الأول تقول بالصوم عنه. وعليه بعض الصحب والتابعين والمحدثون وأحمد والليث وإسحاق والشافعي في القديم، وقال جماعة منهم مالك وأبو حنيفة والشافعي في الجديد: لا يجوز الصوم عنه؛ لأنه عبادة بدنية لا تقبل الإنابة في الحياة والممات كالصلاة بل الواجب الإطعام عنه الحديثين الأخيرين والعمل أهل المدينة بالإطعام ولحديث النسائي الصحيح:» لا يصل أحد عن أحد ولا يصم أحد عن أحد» ولفتوى عائشة وابن عباس بعدم الصوم فقد قالت عائشة: لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم. وقال ابن عباس في رجل مات وعليه رمضان: يطعم عنه ثلاثون مسكينا، وأجاب الأولون بأن الأحاديث الأول صحيحة فتقدم على الأخيرين وعلى عمل أهل المدينة وعلى فتيا عائشة وابن عباس، ولا عبرة برأي الصحابي إذا خالف حديثه الصحيح، وحديث» لا يصم أحد عن أحد» يعني في الحياة، والصيام وإن كان بدنيًّا كالصلاة ولكن ورد فيه النص فيعمل به، ولو قيل بجواز الصيام والإطعام على التخيير لكان حسنًا لأن فيه عملا بكل ما ورد، وإنما كان قضاء الصوم عن الميت مندوبا وقضاء دينه واجبا لأن حق الله مبني على المسامحة وحق الآدمي مبني على المشاحّة. والله أعلم.

﴿الباب السابع في ليلة القدر﴾
(١) أي فيما عمل فيها وفيما يجري فيها كل عام وفي فضل قيامها وفي سببها وفي بيان وقتها وفي بيان المذاهب فيها وفي بيان علامتها على ما يأتي، والصحيح المشهور أنها خاصة بهذه الأمة المحمدية، وأنها باقية إلى يوم القيامة.
(٢) أي القرآن في ليلة القدر أي الشرف العظيم، أمر الله ملائكة فنقلوه من اللوح المحفوظ جملة واحدة إلى بيت العزة في سماء الدنيا، قال تعالى ﴿في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة﴾ ثم نزل بعد ذلك على النبي مفرقًا حسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة.
(٣) تعظيم لشأنها.
(٤) ليس فيها ليلة القدر - أي بركتها على العباد خير من ألف شهر؛ والعمل الصالح فيها أفضل منه في ألف شهر خالية منها.
(٥) أي تتنزل الملائكة وهم سكان سدرة المنتهى أو غيرهم، والروح قيل هو جبريل لقوله تعالى ﴿نزل به الروح الأمين، على قلبك لتكون من المنذرين﴾ وقوله» ﴿بإذن ربهم﴾» أي بأمره تعالى» ﴿من كل أمر﴾» أي بسبب كل شيء قضاه الله فيها إلى السنة القابلة.
(٦) سلام خير مقدم، وهي مبتدأ مؤخر أي هي سلام إلى طلوع الفجر، وأطلق لكثرته من الملائكة، فقد روى: إذا كانت ليلة القدر نزلت ملائكة إلى الأرض يبلغون السلام من الله تعالى إلى=

<<  <  ج: ص:  >  >>