للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ أَيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (١)». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.

عَن: النَّبِيِّ أَنَّهُ أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذلِكَ فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَلا يَبْلُغُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا بَلَغَ غَيْرُهُمْ فِي طُولِ الْعُمُرِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٢).

رَوَاهُ الإِمَامُ مَالِكٌ.


=عباده، فلا يدعون بيتا فيه مؤمن ولا مؤمنة إلا دخلوه، وقالوا: يا مؤمن أو يا مؤمنة: السلام يقرئك السلام. فالسورة فيها بيان ما عمل في ليلة القدر وبيان ما يجري فيها كل عام، وبيان فضل العمل فيها.
(١) فمن قام ليلة القدر بنية صالحة غفر له ما تقدم من ذنبه، وزاد أحمد والنسائي - وما تأخر - وقيامها يحصل بصلاة العشاءين والفجر في جماعة، لما سبق في فضل الجماعة» من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله» ولكن أكمل القيام يحصل بإحياء الليل كله أو معظمه بالصلاة أو القرآن أو الذكر ونحوها من أنواع الطاعات.
(٢) فلما علم النبي أن أعمار الأمم السالفة كانت تربو على خمسمائة سنة وما شاء الله من ذلك ككثرة أعمالهم الصالحة استقصر أعمار أمته لعدم إدراكهم من الصالحات كما بلغ غيرهم فأعطاه الله له ولأمته ليلة القدر، ومما ورد في كثرة أعمالهم الصالحة ما روى أن أحد الملوك السابقين أعطاه الله ألف ولد فكان يجهز الولد في جيش ويأمره بالجهاد فيخرج فيجاهد شهرًا ثم يستشهد فيأمر ولده الآخر، فيخرج فيجاهد شهرًا ويستشهد، وهكذا حتى استشهدوا كلهم والملك قائم بطاعة الله تعالى وحمده وشكره خير قيام، فأمر بجيش عرمرم وخرج على رأسه يجاهد في سبيل الله تعالى، حتى استشهد إلى رحمة الله تعالى، فلما سمع الصحابة ذلك من النبي غبطوا ذلك الملك وتمنوا مثل هذا العمل الجليل الشأن، فأعطاهم الله ليلة القدر وهي خير من ألف شهر اهـ من فضائل ليلة القدر لمولانا المرحوم الشيخ السقا الكبير ولابن أبي حاتم بسنده أن رسول الله ذكر يوما أربعة من أنبياء بني إسرائيل وهم: أيوب، وزكريا، وحزقيل، ويوشع بن نون، عليهم الصلاة والسلام عبدوا الله ثمانين سنة لم يعصوه طرفة عين، فعجب أصحاب النبي من ذلك فأتاه جبريل فقال: عجبت أمتك من هذا، إن الله تعالى أنزل عليكم خيرا من ذلك فقرأ عليه - إنا أنزلناه في ليلة القدر - وقال: هذا أفضل مما عجبت منه أمتك فسر ذلك النبي والناس معه. وللبيهقي وابن أبي حاتم أن النبي ذكر رجلا من بني إسرائيل حمل السلاح في سبيل الله ألف شهر فعجب المسلمون من ذلك، فأنزل الله ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر تعويضا لهم من قصر أعمارهم فيبلغون السابقين، وقد سبقوهم بفضل الله تعالى. قال تعالى ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾ وقال تعالى ﴿وكذلك جعلناكم أمةً وسطا لتكونوا شهداء على الناس﴾ وسيأتي فضل الأمة المحمدية في كتاب الفضائل إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>