للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرهن (١)

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ﴾ (٢). صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ.

• عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ بِعِشْرِينَ صَاعاً مِنْ طَعَامٍ أَخَذَهُ لأَهْلِهِ (٣). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

• عَنْ أَبِي هُرَيْرةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «الظَّهْرُ يُرْكَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُوناً، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ إِذَا كَانَ مَرْهُوناً، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ نَفَقَتُهُ» (٤). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ.


الرهن
(١) الرهن لغة. الحبس والدوام والثبوت ومنه الحالة الراهنة، وشرعًا: جعل مال وثيقة على دين ويطلق على الشيء المرهون.
(٢) وفي قراءة فرُهُنٌ مقبوضة جمع رهن، أي وإن كنتم مسافرين وتداينتم بدين ولم تتيسر كتابته فيكفيكم الرهن عليه وثيقة على دينكم، فيه طلب الكتابة عند المعاملة منعًا للنزاع وحفظا للمال من الضياع لا سيما في هذا الزمان الذي كثر فيه الفساد والطغيان.
(٣) ودرعه مرهونة أي عند البائع حتى يأخذ ثمن الطعام، وكان الرهن في الجاهلية يملك إذا حل الأجل وعجز عن الدفع فأبطله الشرع بتكليف الراهن إذا عجز ببيع الرهن وأداء الدين للمرتهن وأخذ الباقي.
(٤) الظهر: هو الحيوان الذي ينتفع بظهره لركوب وحمل كالإبل والخيل والبغال ونحوها، ولبن الدر أي البهيمة ذات الضرع واللبن كالبقر والغنم ونحوهما، فالظهر المرهون يركب بدل النفقة عليه، ولبن المرهونة يشرب بالنفقة عليها، وعلى الراكب والشارب النفقة. ولكنهم اختلفوا فيه فالجمهور على أن المراد به الراهن لأنه المالك، ولحديث الشافعي والحاكم: لا يغلق الرهن من صاحبه أي لا يمنع منه له غنمه وعليه غرمه. وقال أحمد وإسحاق: المراد به المرتهن ولو لم يأذن المالك لأنه في يده فله فائدته نظير الإنفاق، ولو قيل إن الحديث أجمله ليبيح لكل منهما ذلك لم يبعد، وهذا فيما يحتاج لإنفاق، أما ما لا يحتاج كثوب وأرض فلا يجوز للمرتهن أن ينتفع به إلا بإذن من الراهن على قول ضعيف، والجمهور على خلافه لحديث: كل قرض جر نفعًا فهو ربًا والله تعالى أعلى وأعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>