للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَنَعَةٍ (١) فَأَبَى النَّبِيُّ لِلَّذِي ذَخَرَ اللَّهُ لِلْأَنْصَارِ فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ إِلَى الْمَدِينَةِ هَاجَرَ إِلَيْهِ الطُّفَيْلُ وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَمَرِضَ الرَّجُلُ فَجَزِعَ فَقَطَعَ بَرَاجِمَهُ بِمَشَاقِصَ فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ (٢) فَرَآهُ الطُّفَيْلُ فِي مَنَامِهِ بِهَيْئَةٍ حَسَنَةٍ مُغَطِّياً يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ مُغَطِّياً يَدَيْكَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ» (٣). رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْإِيمَانِ. نَسْأَلُ اللَّهَ السَّتْرَ وَالتَّوْفِيقَ آمِينَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فصل في القصاص]

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يأُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (٤).

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنْثَى﴾ (٥).

• عَنْ أَنَسٍ أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَقِيلَ لَهَا: مَنْ عَمَلَ هذَا بِكِ


(١) أي هل تهاجر إلى بلادنا يا رسول الله فإننا نحفظك في حصن حصين ونمنعك من كل سوء.
(٢) البراجم جمع برجمة وهى مفاصل الأصابع، والمراد أطرافها، فلما اشتد مرضها عليه قطعها بمشاقص - جمع مشقص وهو سهم عريض النصل -.
(٣) هذا صريح في أن الله غفر له إلا يديه، ولما طلب من ربه أن يغفرهما له قال له: لا نصلح لك ما أفسدته، ولكن دعا له النبي ودعاؤه مقبول، وفيه دليل للجمهور، ولا يقال هذه رؤية منامية لا يعول عليها في الأحكام؛ لأنا نقول لما أقرها النبي صارت في حكم الحديث. والله أعلم.

فصل في القصاص
(٤) القصاص القود وهو أن يفعل بالجاني كما فعل في غيره، أي ولكم في مشروعية القصاص حياة طويلة فإن الشخص إذا علم أنه سيقتل إن قتل غيره انكف فبقيت حياته وحياة من كان يريد قتله.
(٥) القتلى جمع قتيل، والمعنى فرض الله عليكم القصاص والمماثلة فيه، أي المساواة بين القاتل والقتيل، فالحر يقتل بالحر لا بالعبد، والعبد يقتل بالعبد، والأنثى بالأنثى، والمساواة في قصاص الأعضاء فرض أيضًا قال تعالى: - ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>