للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُصِيبُ مِنْهَا (١) قَالَ: حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ فَأَسْأَلَهُ، فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ (٢)». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

[الباب الثامن: في فضل التعفف وذم السؤال إلا لضرورة]

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً﴾ (٣).

• عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ (٤) فَقَالَ: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ (٥) وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ (٦)». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.

وَلِلْشَّيْخَيْنِ وَالتِّرْمِذِيِّ: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافاً وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ (٧)». وَفِي رِوَايَةٍ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ


(١) أي من الصدقة أجرة العامل.
(٢) فكذا موالينا لا تحل لهم الصدقة، ولا ترد علينا الصدقة على بريرة وكانت جارية لعائشة فأعتقها وبقيت عندها، فإن زوجات النبي ، وخدمهن لسن من آل البيت كما يأتي في الفضائل إن شاء الله.

(الباب الثامن في فضل التعفف وذم السؤال)
(٣) أول الآية ﴿للفقراء الذين أحضروا في سبيل الله﴾ أي حبسوا أنفسهم على الجهاد وتعلم القرآن والعمل. ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ﴾ أي سفرًا لتحصيل معاشهم، وهم فقراء المهاجرين ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ﴾ بحالهم ﴿أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ عن السؤال ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ من التواضع والانكسار ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ أي فلا سؤال منهم ولا إلحاف. وكانوا نحو أربعمائة وهم أهل الصفة، وسيأتي حدثيهم في الزهد إن شاء الله.
(٤) فلم يبق منه شيء.
(٥) يتصبر واللفظان قبله ألفاظ متقاربة أي من يتصبر ويصف نفسه عن ذل السؤال فإن الله يرزقه القناعة والغني.
(٦) في الصبر راحة للقلب والجسم ورضاء بحكم الله تعالى، والأجر عليه لانظير له، قال تعالى ﴿إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب﴾.
(٧) الرزق الكفاف هو ما كان بقدر الحاجة، فلا فقر ينسيه ولا غنى يطغيه، فمن كان مسلمًا ورزقه الله القناعة والرزق والكفاف فقد فاز فوزا عظيما، وكفانا قوله : اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا.

<<  <  ج: ص:  >  >>