للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلِ مُحَمَّدٍ قُوتاً». وَفِي رِوَايَةٍ: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ (١)».

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيَرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلاً فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ (٢)».

• عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا حَكِيمُ إِنَّ هذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»، قَالَ حَكِيمٌ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَداً بَعْدَكَ شَيْئاً حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ حَقَّهُ مِنَ الْفَيْءِ فَأَبَى، ثُمَّ تُوُفِّيَ (٣). رَوَاهُمَا الْخَمْسَةُ إِلا أَبَا دَاوُدَ.

وَلِأَبِي دَاوُدَ: «الأَيْدِي ثَلَاثَةٌ: فَيَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا وَيَدُ الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى فَأَعْطِ الْفَضْلَ وَلَا تَعْجِزْ عَنْ نَفْسِكَ (٤)».

• عَنْ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ، فَأَقُولُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ: «خُذْهُ إِذا جَاءَكَ مِنْ هذَا الْمَالِ شَيْءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ (٥)». رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ.

وَلِلشَّيْخَيْنِ: «إِنَّ هذَا


(١) العرض - بالتحريك - الأموال، فليس الغنى بكثرتها ولكن الغنى هو القناعة فهي الكنز الذي لا يفنى.
(٢) أي فجمع الحطب وبيعه والاستغناء به عن الناس خير من سؤالهم.
(٣) اليد العليا هي المعطية، واليد السفلى هي الآخذة، وقوله: لا أرزأ، أي لا أسأل، فحكيم هذا سأل النبي فأعطاه مرات، ثم قال له النبي : يا حكيم إن هذا المال كالفاكهة الخضراء الحلوة الشهية، فمن أخذه بسخاوة بورك له فيه، ومن أخذه بحرص عليه لم يبارك له فيه كالذي يأكل ولا يشبع. واليد التي تعطي خير من الآخذة، فحلف حكيم لا يسأل أحدًا طول حياته، فأعطاه أبو بكر وعمر سهمه من الغنيمة، فامتنع واستمر على ذلك حتى الممات.
(٤) أي فتصدق بالفاضل عن حاجتك وأولادك، ولا تعجز عن مجاهدة نفسك.
(٥) أي إذا أتاك شيء وأنت غير متطلع إليه فخذه، وإلا فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>