للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الزهد والرقائق (١)

وفيه سبعة فصول وخاتمة

الفصل الأول: في التحذير من الدنيا (٢)

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ (٣). وَقَالَ تَعَاَلَى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ﴾ (٤). وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (٥) صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ.

• عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ بِمَنْكِبِي فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْياَ كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبيلٍ وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَهْلِ الْقُبُورِ (٦)»، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ


كتاب الزهد والرقائق وفيه سبعة فصول وخاتمة
(١) الزهد: هو ترك الشيء والإعراض عنه، والمراد هنا الزهد في الدنيا من مال وجاه ومنصب، ولكن الزهد الواجب ترك ما يضر في الآخرة، والورع: ترك ما يخشى ضرره في الآخرة، وقيل الورع: الأخذ بالحلال المحض ولو بتبسط، والزهد: الأخذ منه بقدر الحاجة، والرقائق: جمع رقيقة وهي ما ترقق القلب وتؤثر فيه: آية قرآنية أو حديث أو موعظة خطيب أو آية كونية حيوان عجيب الخلقة أو رؤية الجبال الشاهقة أو البحار الزاخرة أو رؤية مبتلى ونحو ذلك مما يجلب الخوف والخشية من الله تعالى ويظهر أثر ذلك بقشعريرة الجلد ودمع العين، قال تعالى ﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ وسيأتي في الحديث: لا يلج النار رجل بكى من خشية الله تعالى حتى يعود اللبن في الضرع.
(٢) المراد بالدنيا هنا كل ما يشغل عن الله تعالى مما تهواه وتسعى له النفوس، قال تعالى ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤)﴾.
(٣) لمن ركن إليها ونسى الآخرة.
(٤) ﴿وما الحياة الدنيا في الآخرة﴾ أي بجنب حياة الآخرة "إلا متاع" أي شيء قليل يتمتع به ويذهب، وأما الآخرة فهي الباقية، قال تعالى ﴿وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون﴾.
(٥) فتنة أي لكم شاغلة عن أمور الآخرة والله عنده أجر عظيم فلا تفوتوه بالاشتغال بالأموال والأولاد.
(٦) كأنك غريب أي كشخص في غربة لحاجة فإذا انتهت سارع في العود إلى وطنه، بل كن في الدنيا كالمار في الطريق بل عد نفسك في الموتى، والمراد الإسراع بالأعمال الصالحة شوقا إلى الآخرة فهي الحياة الدائمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>