للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التشدق بالكلام مذموم والتجوز فيه ممدوح (١)

• عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الذَّي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ تَخَلُّلَ الْباَقِرَةِ بِلِسَانِهَا (٢)»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ (٣).

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَنْ تَعَلَّمَ صَرْفَ الْكَلَامُ لِيَسْبِي بِهِ قلوبَ الرِّجَالِ أَوِ النَّاسِ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا (٤)»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (٥).

وَقاَلَ ابْنُ عُمَرَ قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ (٦) فَخَطَبا فَعَجِبَ النَّاسُ (٧) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ مِنَ الْبَياَنِ لَسْحْراً أَوْ إِنَّ بَعْضَ الْبَياَنِ لسِحْرٌ (٨)»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبُخَارِيُّ (٩).

وَقامَ رَجُلٌ فَأَكْثَرَ الْقوْلَ (١٠) فَقالَ عَمْرُو بْنُ الْعاصِ: لَوْ قَصَدَ فِي قَوْلِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ (١١) سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «لَقَدْ رَأَيْتُ أَوْ أُمِرْتُ أَنْ أَتَجَوَّزَ فِي الْقَوْلِ فَإِنَّ الْجَوَازَ هُوَ خَيْرٌ (١٢)»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَالِحٍ.


التشدق بالكلام مذموم والتجوز فيه ممدوح
(١) فالتعمق في الكلام والتوسع فيه مذموم بخلاف الاختصار على قدر الحاجة فهو المطلوب.
(٢) الباقرة والبقرة واحدة البقر وهي تلف الكلأ بلسانها في شدقيها، فالله تعالى يكره المبالغ في فصاحة الكلام وبلاغته الذي يتعمق فيه حتى يظهر لسانه يدور في فمه كلسان البقرة لأنه من حب الظهور.
(٣) بسند حسن.
(٤) فمن تعلم فضل الكلام وما يتكلفة زائدا عن الحاجة ليستميل به قلوب الناس إليه لم يقبل الله منه في الآخرة صرفا ولا عدلا أي توبة ولا فدية، أو لا نفلا ولا فرضا.
(٥) بسند صالح.
(٦) الرجلان هما الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم.
(٧) لبيانهما وفصاحتهما.
(٨) أي أن بعض الكلام كالسحر في استمالة القلوب إليه أو في العجز عن الإتيان بمثله، وهذا مذموم إذا كان باطلا وإلا فلا.
(٩) ولكن أبو داود هنا والبخاري في الطب.
(١٠) قام رجل فتكلم في أمر فأطال فيه الكلام.
(١١) لو توسط في الكلام لكان أحسن.
(١٢) أو للشك أي لقد أمرني ربي أن أقتصر في الكلام على قدر الحاجة فإن الاقتصار خير لأنه يوفر الوقت ويريح السامعين، فالنبي يحب الاختصار في الكلام ويكره التشدق والمبالغة فيه لأنه مظنة الرياء والتعالى وحب الظهور وهذا إذا كان تصنعًا وتكلفا، أما إذا كان بالطبع والجبلة فلا شيء فيه، وكذا إذا كان مطلوبا كمن يخطب =

<<  <  ج: ص:  >  >>