للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه الإطراء في المدح (١)

• عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ رَجُلاً يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِي الْمِدْحَةِ (٢) فَقَالَ: «أَهْلَكْتُمْ أَوْ قَطَعْتُمْ ظَهْرَ الرَّجُلِ (٣)»، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

• عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: ذُكِرَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيُّ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا فَقَالَ النَّبِيِّ : «وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ يَقُولُهُ مِرَارًا (٤) إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالَةَ فَلْيْقُلْ أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يُرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللَّهُ وَلَا يُزَكِّى عَلَى الله أَحَدًا (٥). رَوَاهُ الثَّلَاثَةُ.

وَجَاءَ رَجُلٌ فَأَثْنَى عَلَى عُثْمَانَ فِي وَجْهِهِ فَأَخَذَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ تُرَاباً فَحَثاَ فِي وَجْهِهِ (٦)» وَقَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ «إِذَا لَقِيتمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ (٧)»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ.

وَجَاءَ وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالُوا: أَنْتَ سَيِّدُنَا فَقَالَ: «السَّيِّدُ اللَّهُ (٨)» قَالُوا: وَأَفْضَلُنَا فَضْلاً وَأَعْظَمُنَا طَوْلاً (٩) فَقَالَ: «قولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَان (١٠)»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ.


ومنه الإطراء في المدح
(١) أي المبالغة فيه.
(٢) يبالغ في مدحه.
(٣) فإن كثرة المدح ربما تغريه، وأو للشك.
(٤) أي كرر قوله مرارا.
(٥) فإن كان لابد من المدح فليقل إني أظنه كذا وكذا لما يراه منه، ولا يزكي على الله أحدا أي لا يقطع على عاقبته ولا على ما في ضميره فإنه لا يعلم ذلك إلا الله تعالى، فهذه تنهي عن المدح في الوجه وهو محمول على المجازفة والزيادة فيه، أو على من يخاف عليه الإعجاب ونحوه، أما كامل الإيمان فلا خوف من مدحه في وجهه لأنه يزيد في صلاحه ويكون قدوة صالحة لغيره لحديث وفد بني عامر الآتي ولما سبق في الفضائل من مدح النبي لكثير من الأصحاب ولحديث الطبراني والحاكم: إذا مدح المؤمن في وجهه ربا الإيمان في قلبه.
(٦) رماه في وجهه.
(٧) هذا حمل للحديث على ظاهره وعليه جماعة، وقال آخرون: معناه خيبوهم فلا تعطوهم شيئا، وهذا في قوم اتخذوا المدح عادة وبضاعة يستأكلون به الممدوح ويفتنونه، أما من يمدح على فعل حسن وخلق كريم بدون شيء فلا يسمى مداحا.
(٨) أي على الإطلاق فلا ينافي ما سبق في النبوة: أنا سيد ولد آدم.
(٩) أي عطاء.
(١٠) أي قولوا بعض ما ترون ولا يتخذنكم الشيطان كالجري في مدحي إلى حد لا يجوز والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>