للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ (١) فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ (٢) حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ مِمَّا بَيْنَهُمَا لَأَمَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: الْتِئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالْتأَمَتَا (٣). قَالَ جَابِرٌ: فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ (٤) مَخَافَةَ أَنْ يَحِسَّ رَسُولُ اللَّهِ بِقُرْبِي فَيَبْتَعِدَ أَوْ فَيَتَبَعَّدَ فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي (٥) فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ مُقْبِلًا وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَقَفَ وَقْفَةً فَقَالَ بِرَأْسِهِ هكَذَا (٦) ثُمَّ أَقْبَلَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَالَ: «يَا جَابِرُ هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي؟» قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ لِأَبِي الْيُسْرِ وَسَيَأْتِي انْشِقَاقُ الْقَمَرِ فِي سُورَةِ ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ ﴿وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾ فِي التَّفْسِيرِ إِنْ شاءَ اللَّهُ.


(١) أي سيرى معى.
(٢) البعير المخشوش الذي في أنفه حلقة فيها حبل يقاد به لسهولة سيره.
(٣) أي حتى إذا كان بالمنصف أي المكان المتوسط بين الشجرتين لأمهما أي جمعهما وقال التئما عليّ بإذن الله فاجتمعتا أي التصقتا ببعضهما ليكونا سترة له حتى يقضى حاجته.
(٤) فخرجت أحضر أي أسمى بشدة وأتباعد عن النبي لئلا يرانى قريبًا منه فيبتعد عن مكانه الذي جمع فيه الشجرتين.
(٥) أي بهذه المعجزة العظيمة التى ما رآها غيرى.
(٦) أي أشار برأسه يمينا وشمالا كأنه يكلم أحدا أو يصرف الشجرتين اللتين وقفتا في خدمته ، فانقياد الشجر الذي هو جماد للنبي معجزة كبرى لمن فكر واعتبر. قال تعالى ﴿فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>