للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ هُوَ الْمُخَيَّرَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ (١) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ مَنْ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيلاً غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلكِنْ أُخْوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ (٢) لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلا سُدَّ إِلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ». وَفِي رِوَايَةٍ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا (٣)». رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ.

• عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ النَّبِيِّ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرِ آخِذاً بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ (٤)» فَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ (٥) ثُمَّ نَدِمْتُ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي (٦) فَأَبى عَلَيَّ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ: «يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثاً». ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ أَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ (٧) فَقَالُوا: لَا، فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ فَسَلَّمَ فَجَعَل وَجْهُ النَّبِيِّ يَتَمَعَّرُ (٨) حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ (٩) فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ (١٠) فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا».


(١) أي فكان هذا التخيير للنبي ولم يفهمه إلا أبو بكر فلذا أكثر من البكاء.
(٢) أي بيننا أقوى ما تكون.
(٣) وفي رواية: لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة خليلا ولكن صاحبكم خليل الله.
(٤) أي وقع في غمرة وشدة.
(٥) أي بكلام شديد.
(٦) أن يسامحني.
(٧) أي هنا أبو بكر.
(٨) يتمعر بالعين المهملة، وروى بالمعجمة، أي يتغير من الغيظ.
(٩) أي خاف على عمر مجلس على ركبتيه يستعطف النبي .
(١٠) فهو أول من آمن من الرجال وواسى النبي بالنفس والمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>