للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرُ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ لِلصَّلَاةِ فَمَنْ يَلِي عُمَرَ فَقَدْ رَأَى الَّذِي رَأَيْتُ، وَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ فَقدُوا صَوْتَ عُمَرَ وَهُمْ يَقُولُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمنِ صَلَاةً خَفِيفَةً فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ عُمَرُ: يَا بْنَ عَبَّاسٍ انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: غُلَامُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: الصَّنَعُ (١) قَالَ: نَعَمْ قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفاً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مَنِيَّتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ (٢) قَدْ كُنْتَ يَابْنَ عَبَّاسٍ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ الْعَبَّاسُ أَكْثَرَهُمْ رَقِيقاً فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَاهُمْ قَالَ: كَذَبْتَ بَعْدَمَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ وَصَلُّوْا قِبْلَتَكُمْ وَحَجُّوا حَجَّكُمْ، فَاحْتُمِلَ عُمَرُ إِلَى بَيْتِهِ فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ هذِهِ، فَقَائِلٌ يَقُولُ لا بَأْسَ وَقَائِلٌ يَقُولُ أَخَافُ عَلَيْهِ، فَأُتِيَ بِنَيذٍ (٣) فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَجَاءَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ وَجَاءَ شَابٌّ فَقَالَ: أَبْشرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ، لَكَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ وَقَدَمٍ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ (٤) ثمَّ وَلِيتَ فَعَدَلْتَ ثُمَّ شَهَادَةٌ قَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ ذلِكَ كَفَافٌ لَا عَلَيَّ وَلَا لِيَ فَلَمَّا أَدْبَرَ إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ الْأَرْضَ قَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الْغُلَامَ فَجَاءَ فَقَالَ: يَا بْنَ أَخِي ارْفَعْ


= صناعات فكان حدادا ونقاشا ونجارا فضرب عمر عليه خراجا قدره مائة كل شهر فشكا لعمر، فقال عمر: ما هذا بكثير عليك بالنسبة لكسبك، ألم تقل لو شئت لصنعت رحا تطحن بالريح، فعبس إلى عمر وقال لأصنعن لك رحًا يتحدث الناس بها، فلم يعبأ به عمر حتى نفذ ما أضمره من أشنع الأعمال.
(١) الصنَع الحاذق في صنعته.
(٢) الحمد لله الذي لم يجعل منيتي، وفي رواية: ميتتي بيد رجل يدعى الإسلام بل على يد رجل مجوسي وهو أبو لؤلؤة قاتله الله.
(٣) بنبيذ أي نقيع تمر غير مسكر كما تقدم في الشراب، فشربه فخرج من جوفه لتمزق أمعائه .
(٤) مبتدأ مؤخر تلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>