للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلْأُبَايِعْكَ فَبَسَطَ يَمِينَهُ فَقَبَضْتُ يَدِي فَقَالَ: مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟ فَقُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ قَالَ: تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟ قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ (١) وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالاً لَهُ (٢) وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ وَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَرَجَوتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ وَلِينَا أَشْيَاءَ لَا أَدْري مَا حَالِي فِيهَا، فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَلَا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ (٣) فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشَنُّوا التّرَابَ عَلَيَّ شَن ثمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا (٤) حَتَّى أَسْتَأَنِسَ بِكُمْ وَأَنظرَ مَاذَا أُراجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْإِيمَانِ. نَسْأَلُ اللَّهَ كَمَالَ الْإِيمَانِ آمِين.


(١) قال الله تعالى ﴿قل للذين كفروا إن ينتهوا - أي عن الكفر ويدخلوا في الدين - يغفر لهم ما قد سلف﴾.
(٢) أي بعد إسلامه .
(٣) لا تصحبني نار أي ببخور كما يصنع كثير من الناس، قوله: فشنوا التراب عليّ أي ارموه على كفنى وأنا في اللحد، تواضعا منه .
(٤) أي قفوا بعد الدفن قليلا قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها؛ فأستأنس بكم وأفكر في جواب الملكين الكريمين، فقد اجتمع عنده الخوف والخشية من الله ورجاء رحمته، ولا يجتمعان لعبد في مثل هذا إلا كان من أهل الجنة. نسأل الله حسن الخاتمة آمين والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>