للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاتَّبِعْنِي فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ شَيْئاً أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ (١) فَإِنْ مَضَيْتُ فَاتَّبِعْنِي حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِي فَفَعَلَ، فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ (٢) حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ فَدَخَلَ مَعَهُ فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ : «ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيكَ أَمْرِي»، قَالَ أَبُو ذَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ (٣) فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَشْهَدُ أَن لا إِلهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ الْقَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ (٤) وَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: وَيْلَكُمْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ وَأَنَّ طَرِيقَ تِجَارِكُمْ إِلَى الشَّامِ عَلَيْهِمْ فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ (٥) ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ لِمِثْلِهَا (٦) فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا إِلَيْهِ فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيْهِ فَأَنْقَذَهُ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلَمٍ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ : «هَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ» فَعَادَ فَأَسْلَمَ أَخُوهُ أَنَيْسٌ وأُمُّهمَا وَأَتَوْا قَوْمَهُمْ فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ وَكَانَ يَؤْمُّهُمْ أَيْمَاءُ بْنُ رَحَضَةَ الْغِفَارِيُّ وَكَانَ سَيِّدَهُمْ وَأَسْلَمَ بَاقِيهِمْ حِينَمَا قَدِمَ النَّبِيُّ الْمَدِينَةَ وَجَاءَتْ أَسْلَمُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ إِخْوَتُنَا فَأَسْلَمُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ (٧)».

• عَنْ أَبِي ذَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ (٨) مِنْ ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ


(١) أي وقفت بجوار الحائط كأني أتبول. وفي رواية: كأني أصلح نعلي.
(٢) أي يتبعه.
(٣) أي لأجهرن بكلمة التوحيد في مجمعهم.
(٤) أي ألقوه على الأرض.
(٥) فخلصه العباس منهم بعد أن فهمهم أن هذا خطر على تجارتهم من غفار.
(٦) ثم عاد في الغد لمثله أي ذهب للمسجد وجهز بكلمة التوحيد فضربوه حتى خلصه العباس منهم.
(٧) فلما أسلم باقي غفار بعد الهجرة جاءت قبيلة أسلم للنبي وقالوا: نسلم على ما أسلمت عليه حليفتنا غفار. فأسلموا فدعا لهم النبي بتلك الدعوة المباركة.
(٨) الخضراء السماء والغبراء الأرض أي فليس بين السماء والأرض أصدق ولا أوفى من أبي ذر، فباطنه وظاهره واحد حتى كان غريبًا وحيدًا وجهر بكلمة التوحيد بين أعدائها.

<<  <  ج: ص:  >  >>