للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يَتَحَدَّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذلِكَ، إِنَّ إِخْوَانِي مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَرضيهِمْ وَإِنَّ إِخْوَانِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ (١) وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْماً: «أَيُّكُمْ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ فَيَأْخُذُ مِنْ حَدِيثِي هذَا ثُمَّ يَجْمَعُهُ إِلَى صَدْرِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْسَ شَيْئاً سَمِعَهُ (٢) فَبَسَطْتُ بُرْدَةً عَلَيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَدِيثِهِ ثُمَّ جَمَعْهُا إِلَى صَدْرِي فَما نَسِيتُ بَعْدَ ذلِكَ الْيَوْمِ شَيْئاً حَدَّثِنِي بِهِ وَلَوْلَا آيَتَانِ أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا حَدَّثْتُ شَيْئاً أَبَداً» ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ﴾ ﴿مَآ أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ (٣). رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ.

• وَعَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَدَعَوْتُهَا يَوْماً فَأَسْمَعْتَنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ مَا أَكْرَهُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أَبْكِي قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ فَتَأَبَى عَلَيَّ فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيهَا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ» فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِراً بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللَّهِ فَلَمَّا جِئْتُ الْبَابَ فَسَمِعْتُ أُمِّ خَشْفَ قَدَمَيَّ (٤) فَقَالَتْ: مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ، قَالَ: فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا (٥) فَفَتَحَتِ الْبَابَ ثُمَّ قَالَتْ أَشْهَدُ أَن لَا إِلهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَرَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ قُلْتُ:


(١) فكان الأنصار مشغولين بزرع أراضيهم وكان المهاجرون مشغولين بطلب أرزاقهم في التجارة.
(٢) ثم يجمعه إليه أي يضمه إليه بعد فراغي من الحديث فإنه لا ينسى ما سمعه مني.
(٣) تمامهما: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (١٥٩) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠)﴾.
(٤) أي حركة مشي.
(٥) لبست درعها أي قميصها، وعجلت عن الخمار نسيته فرحًا بإسلامها.

<<  <  ج: ص:  >  >>