للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْكُوفَةِ فَرَحَلْتُ فِيهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ. هذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً﴾ آخِرُ مَا نَزَلَ وَمَا نَسَخَها شَيْءٌ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْفِتَنِ وَلَفْظُهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتِ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهَا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ﴾ ﴿الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ﴾ قَالَ مُشْرِكُو أَهْلِ مَكَّةَ نَحْنُ فَعَلْنَا ذلِكَ كُلَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً﴾ ﴿فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ فَهذِهِ لِأُولئِكَ، فَأَمَّا الَّتِي فِي النِّسَاءِ ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا﴾ الْآيَةَ فَالرَّجُلُ إِذَا عَرَفَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ قَتَلَ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ وَلَا تَوْبَةَ لَهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ: إِلا مَنْ نَدِمَ (١).

• عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخُبُ دَماً يَقُولُ: يَا رَبِّ هذَا قَتَلَنِي حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنَ الْعَرْشِ (٢) فَذَكَرُوا لاِبْنِ عَبَّاسٍ التَّوْبَةَ فَتَلَا: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً﴾ فَقَالَ: وَمَا نُسِخَتْ هذِهِ الْآيةُ وَلَا بُدِّلَتْ وَأَنَّى لَهُ بِالتَّوْبَةِ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.


(١) فابن عباس يرى أن آية ﴿إلا من تاب﴾ في مشركي قريش ترغيبًا لهم في الإسلام، وأما المسلم الذي عرف شرائع الإسلام إذا قتل مؤمنًا متعمدا فلا توبة له وهو خالد في النار لقوله تعالى ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا﴾ الآية ولكن كافة العلماء على خلافه وإلا من تاب على عمومها ومن يقتل مؤمنا متعمدا مقيدة بعموم قوله تعالى ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ وبالحديث الآتي في كتاب الذكر "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم" وتلك الآية محمولة على المستحل للقتل أو هي للتهويل والتنفير من القتل وتقدم هذا واسعًا في أول كتاب الحدود.
(٢) فالمقتول يجيء يوم القيامة ودمه يسيل من عنقه وهو قابض على رأس القاتل حتَّى يوقفه بين يدي أحكم الحاكمين فيقول يا رب هذا قتلني فاحكم بيني وبينه، هنا يود القاتل أن يفدي نفسه ولو بملء الأرض ذهبا ولا ينفع تمنيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>