للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: «مَا تَرَوْنَ فِي هذِهِ الْأُسَارَى (١)»؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ أَرَى أَنْ تَأْخُذ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟» قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ وَلكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنَا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ (٢) وَتُمَكِّنَنِي مِنْ فُلَانٍ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ (٣) فَإِنَّ هؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا (٤) فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قَالَ عُمَرُ (٥)، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ وَإِلا تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا (٦) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ (٧)» وَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾ (٨) ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ (٩).

رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْجِهَادِ وَالتِّرْمِذِيُّ.


(١) وكانوا نحو سبعين أسيرا.
(٢) عقيل هذا هو ابن أبي طالب أخو الإمام عليّ وكان لم يسلم حينئذ وخرج لقتال النبي مع عمه العباس وابن عمه نوفل بن الحارث.
(٣) فلان هذا قريب لعمر.
(٤) أئمة الكفر وصناديدها جمع صنديد أي رؤساء الكفرة وعظماؤها.
(٥) وأمر مناديا فنادى في الناس إن من يفدى نفسه بعشرين أوقية من الذهب يطلق سراحه، فجاءوا بالفداء وأطلق سراحهم فأنزل الله عليه الآيات الآتية عتابا على هذا.
(٦) هذا كلام عمر من أول، فلما كان.
(٧) الإشارة لشجرة قريبة من النبي .
(٨) ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى﴾ أي يفديهم ﴿حتى يثخن في الأرض﴾ أي يبالغ في قتل الكفار فتظهر شوكة الإسلام، وهذا في أوَّل الأمر فلما انتشر الإسلام وعلا شأنه خير في الأسرى، قال تعالى ﴿فإما منا بعد وإما فداء﴾.
(٩) وثانيها ﴿لولا كتاب من الله﴾ الآتية، والثالثة ﴿فكلوا مما غنمتم حلالا طيبًا واتقوا الله إن الله غفور رحيم﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>