للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنْ آيَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ هَيْبَةً لَهُ حَتَّى خَرَجْتُ فِي الْحَجِّ مَعَهُ فَلَمَّا رَجَعْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ إِلَى الْأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ (١) فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ مِنْ أَزْوَاجِهِ (٢) فَقَالَ: تِلْكَ حَفْصَةَ وَعَائِشَةُ قُلْتُ: وَاللَّهِ كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هذَا مِنْ سَنَةٍ فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، مَا ظَنَنْتَ عِلْمَهُ عِنْدِي فَاسْأَلْنِي عَنْهُ فَإِنْ كَانَ لِي عِلْمٌ خَيَّرْتُكَ بِهِ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْراً حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ وَقسَّمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ (٣) قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ (٤) إِذْا قَالَتِ امْرَأَتِي لَوْ وَضَعَتْ كَذَا وَكَذَا فَقُلْتُ لَهَا: مَا لَكِ وَلِمَا ههُنَا وَمَا تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ فَقَالَتْ لِي: عَجَباً لَكَ يَا بْنَ الْخَطَّابِ مَا ترِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنتَ وَإِنَّ ابْنَتَكَ (٥) لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ؟ فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَقَالَ لَهَا: يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لَترَاجِعِينَ رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: وَاللَّهِ إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ فَقُلْتُ: تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللَّهِ وَغَضَبَ رَسُولِهِ لَا تَغُرَّنَّكِ هذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا وَحُبُّ رَسُولِ اللَّهِ إِيَّاهَا (٦) قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا فَكَلَّمْتُهَا فَقَالَتْ: عَجَباً لَكَ يَا بْنَ الْخَطَّابِ دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَبْتَغِيَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَأَزْوَاجِهِ فَأَخَذَتْنِي وَاللَّهِ أَخْذاً (٧) كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ، فَخَرَجْتُ وَكَانَ لِي


(١) عدل عن الطريق ودخل في شجر الأراك وتبرز.
(٢) تظاهرتا أي تعاونتا على النبي ؛ قال حفصة وعائشة: لإفراط غيرتهما حتى حرم ما أحل الله له.
(٣) أمرًا أي في الشورى، ولفظ الترمذي: كنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم.
(٤) أتفكر فيه.
(٥) حفصة أم المؤمنين.
(٦) يريد عائشة .
(٧) أقنعتني بكلامها وزال غضبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>