للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيَّ وَهُوَ يُصَلِّي فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: «إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقاً مِنْ نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً»، فَقَالَ : «لَوْ دَنَا منِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْواً عُضْواً (١)»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى﴾ ﴿أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿كَلاَّ لَا تُطِعْهُ﴾.

• وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ يُصَلِّي فَجَاءَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هذَا أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هذَا؟ فَزَبَرَهُ النَّبِيُّ (٢) فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا بِهَا نَادٍ أَكْثَرُ مِنِّي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾ ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (٣)﴾. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَاللَّهِ لَوْ دَعَا نَادِيَهُ لَأَخَذَتْهُ زَبَانِيَةُ اللَّهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.


(١) فلو دنا من النبي : وهو يصلى لقطعته الملائكة.
(٢) انتهره وأغلظ له.
(٣) النادى المجلس والمراد أهله، والزبانية الملائكة الغلاظ الشداد، ونص الآيات التي نزلت في هذا الرجل الشقي ﴿كلا﴾ حقا ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ الرجوع من الغنى للفقر ومن العز للذل ومن الحياة للموت أي انزجر فلا مفر من ربك ﴿أَرَأَيْتَ﴾ للتعجب في المواضع الثلاثة ﴿الَّذِي يَنْهَى﴾ هو أبو جهل ﴿عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ هو محمد : ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ﴾ المنهى ﴿عَلَى الْهُدَى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ﴾ الناهى النبي ﴿وَتَوَلَّى﴾ عن الإيمان به ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ ما حصل منه وهو كافر شديد العناد وينهي أفضل الناس عن عبادة الله تعالى لا شك أنه سيجازى أشد الجزاء بأنواع العذاب ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ﴾ عما هو عليه ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ نفاجئه بالهلاك ﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ بيان للناصية ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨) كَلَّا لَا تُطِعْهُ﴾ يا محمد ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ أي من ربك فلك الشرف الأعلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>