(٢) ثم قام النبي ﷺ فنزلت السورة تذم أبا لهب وهي ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ أي هلكت يداه، والمراد الدعاء عليه بالهلاك ﴿وَتَبَّ﴾ أي قد هلك، ولما خوفه النبي ﷺ بالعذاب قال: إن كان ما يقول ابن أخي حقًّا فإني أفتدي بمالي وولدي، فنزل ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾ فماله وكسبه لا يدفعان عنه شيئا ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ﴾ سيحترق في نار لها لهب شديد وكذا امرأته ﴿حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ التي تحمل الشوك وتلقيه في طريق النبي ﷺ ﴿فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ في عنقها حبل من ليف تربط به الشوك الذي تحمله للنبي ﷺ، وكذا سيكون في عنقها وهي في النار حبل منها كالليف فضيحة وزيادة عذاب لها، وقال ابن عباس هو سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعًا تدخل من فيها وتخرج من دبرها ويكون سائرها في عنقها فتلت من حديد فتلا محكما في النار. (٣) فالعباس رأى أخاه أبا لهب بعد موته في النوم بشر خيبة؛ فقال العباس له: ما حالك؟ قال: لم ألق بعدكم خيرا غير أني سقيت ماء في هذه وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والسبابة بسبب إعتاقي ثويبة التي أرضعت النبي ﷺ قال شيخ الإسلام: وأشار بذلك إلى حقارة ما سقي من الماء في جهنم. وقال القرطبي: سقي نقطة من ماء جهنم بسبب ذلك. ففيه أن الكافر ينتفع بصالح عمله في الآخرة، وهذا مردود بقوله ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ وأيضًا فهذه رؤيا منامية لا يثبت بها حكم شرعي، ويحتمل أن يكون ما يتعلق بالنبي ﷺ مخصوصًا من ذلك. والله أعلم.