(فائدة) يلزم للمعبر أن يكون عارفا بشيء من كتاب الله تعالى كالعهد من الحبل في قوله تعالى ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا﴾ وكالنجاة من السفينة في قوله تعالى ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ﴾ وكالحج من الأذان في أشهره لقوله تعالى ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالً﴾، وكالنسوة من البيض في قوله تعالى ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾، وكالمنافقين من الأخشاب لقوله تعالى فيهم ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾ وكالظلمة من رؤية الأحجار لقوله تعالى ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ وكالرفعة من سجود الكواكب، والسنين المخصبات من رؤية البقر السمان، والمجدبات من البقر العجاف الواردة في سورة يوسف ﵇ ورؤيا صاحبيه في السجن ونحو ذلك، وكذا يلزم للمعبر شيء من السنة الغراء كالأحاديث الآتية وكذا يلزمه معرفة شيء من أمثلة العرب كقول إبراهيم لإسماعيل ﵉: غير أسكفة بابك؛ أي زوجتك، وكقول لقمان لابنه: بدل فراشك أي زوجتك، وكقول عيسى ﵇ حينما دخل على مومسة يعظها: إنما يدخل الطبيب على المريض أي العالم على المذنب ليهديه. وروى أن النبي ﷺ قال لأبي بكر: رأيت كأني أنا وأنت نرقى في درجة (نصعد سلما) فسبقتك بمرقاتين؛ فقال: يا رسول الله يقبضك الله إلى رحمته وأعيش بعدك سنتين ونصفا، فكان كذلك، وقال رسول الله ﷺ: رأيت كأنه يتبعني غنم سود وتبعها غنم بيض؛ فقال أبو بكر: تتبعك العرب وتتبع العجم العرب، فكان كذلك، وقال رسول الله ﷺ: خير ما يرى أحدكم في المنام أن يرى ربه أو نبيه أو يرى أبويه مسلمين، قالوا: يا رسول الله وهل يرى أحد ربه؟ قال: السلطان والسلطان هو الله تعالى. ومدار التعبير على التمثيل والتشبيه من الأمور المتناسبة في الرؤيا والنظر إلى الملائم منها دون سواه، وعلى المعبر أن يتفرس في الرأي وحرفته وما يلوح عليه ويعبر له من حاله كما كان يفعل ابن سيرين ﵁ فقد جاءه رجل فقال: رأيت في منامي كأني أؤذن؛ فنظر إليه ثم قال: يسرق الأبعد وتقطع يده، ثم جاءه آخر فقال: رأيت في منامي كأني أؤذن؛ فنظر إليه فقال: تحج بيت الله الحرام؛ فكان في المجلس رجل فقال: كيف هذا يا ابن سيرين؟ الرؤيا واحدة والتعبير مختلف؛ فقال: نعم تفرست في وجه الأول الشر فأولت له من قوله تعالى ﴿ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ والثاني توسمت فيه الخير والصلاح=