للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ ذَهَبَ وَجَاءَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَدَخَلَ عَلَيَّ فِي خَطَى فَتَوَسَّدَ فَخِذِي (١) فَرَقَدَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا رَقَدَ نَفَخَ فَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ وَهوَ مُتَوَسِّدٌ فَخِذِي إِذَا أَنَا بِرِجَالٍ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ اللَّهُ أَعْلَمُ مَا بِهِمْ مِنَ الْجَمَالِ فَانْتَهَوْا إِلَيَّ فَجَلَس طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالُوا بَيْنَهُمْ: مَا رأَيْنَا عَبْداً قَطُّ أُوتِيَ مثْلَ مَا أُوتِيَ هذَا النَّبِيُّ (٢) إِنَّ عَيْنَيْهِ تَنَامَانِ وَقَلْبَهُ يَقْظَانُ اضْرِبُوا لَهُ مَثلاً، مَثَلُ سَيِّدٍ بَنَى قَصْراً ثُمَّ جَعَلَ مَأْدبَةً فَدَعَا النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ. فَمَنْ أَجَابَه أَكَلَ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرِبَ مِنْ شَرَابِهِ وَمَنْ لَمْ يُجِبْهُ عَاقَبَهُ أَوْ قَالَ عَذَّبَهُ ثُمَّ ارْتَفَعُوا وَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ فَقَالَ: «سَمِعْتَ مَا قَالَ هؤُلَاءِ، وَهَلْ نَدْرِي مَنْ هؤُلَاءُ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «هُمُ الْمَلَائِكَةُ فَتَدْرِي مَا الْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبُوا؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «الْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبُوا الرَّحْمنُ بَنَى الْجَنَّةَ ودَعَا عِبَادَهُ فَمَنْ أَجَابَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يُجِبهُ عَاقَبَهُ أَوْ عَذَّبَهُ». (٣) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. (٤)

• عَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا». (٥) فَقَالَ عِيسى: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنَا آمُرُهُمْ (٦) فَقَالَ يَحْيَى: أَخْشى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ


(١) وضع رأسه على فخذى.
(٢) من الجمال والجلال والإيمان واليقين والكمال.
(٣) هذا أخص من المثل السابق فإن صريح المثل هنا من لم يجب ربه عاقبه وعذبه، نسأل الله حسن الإجابة آمين.
(٤) بسند صحيح.
(٥) لعذر شرعى كمرض وإلا فالأنبياء أسرع الناس في تنفيذ أوامر الله تعالى.
(٦) ومعلوم أن يحيى وزكريا ولدا خالة صلى الله عليهما وسلم وهذه الخمس هي التوحيد، والصلاة، والصيام والصدقة وكثرة الذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>