(٢) وسبق في تفسير آل عمران صورة مكتوب النبي ﷺ لعظيم الروم، وكان في الشام حينذاك، فاستدعى العرب وسألهم عن النبي ﷺ، ثم قال لهم: إن كان قولكم حقًّا فسيملك محمد موضع قدمى هاتين، وأما المقوقس فلما جاءه مكتوب النبي ﷺ وضعه في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى جارية له لحفظه، ثم رد على النبي ﷺ بمكتوب هاك نصه: بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك: أما بعد: فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه، وعلمت أن نبيًا قد بقي؛ وما كنت أظن إلا أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك الذي جاء بالجواب (وهو حاطب بن أبي بلتعة فإنه منحه مائتي دينار وخمسة أثواب) وبعثت لك بجاريتين مارية وسيرين لهما في القبط مكان عظيم مع جارية أخرى، وعشرين ثوبًا من قباطي مصر، وطيبًا وعودًا وندًا ومسكا، مع ألف مثقال من الذهب، ومع قدح من قوارير وبغلة للركوب (هي دلدل) وخصيا (أي عبدًا مخصيا يقال له مابور) وفرسا وهو اللزاز فإنه سأل حاطبا: ما الذي يحب صاحبك من الخيل؟ فقال له: الأشقر؛ وقد تركت عنده فرسا يقال له المرتجز، فانتخب له فرسا من خيل مصر الموصوفة فأسرج وألجم وهو المسمى بالميمون، وأهدى له أيضا عسلا من عسل بنها: قرية من قرى مصر؛ فأعجب به ﷺ، وقال إن كان هذا عسلكم فهذا أحلى؛ ثم دعا فيه بالبركة اهـ. من تفسير الصاوي في سورة الأحزاب بتصرف يسير، ولم يذكر في الهدية طبيبا مع أنه مشهور على لسان أهل السير، وأن النبي ﷺ رده وقال: "لا حاجة لنا بالطبيب نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع" وهذا ليس ببعيد.