للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وَعَنْهُ قَالَ: مَرَّ عَلَيْنَا النَّبِيُّ وَنَحْنُ نُعَالِجُ خُصًّا لَنَا قَدْ وَهِيَ (١) فَقَالَ: «مَا هذَا»؟ فَقُلْنَا: خُصٌّ لَناَ نُصْلِحُهُ، فَقَالَ: «مَا أَرَى الْأَمْرَ إِلا أَعْجَلَ مِنْ ذلِكَ (٢)»، رَوَاهُماَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ (٣).

• عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ رَأَى قُبَّةً مُشْرِفَةً (٤) فَقَالَ: «مَا هذِهِ»؟ قَالُوا: لِفُلَان الْأَنْصَارِيِّ فَسَكَتَ وَحَمَلَهاَ فِي نَفْسِهِ حَتَّى إِذَا جَاءَ صَاحِبُهاَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبيِّ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، صَنَعَ ذلكَ مِرَارًا حَتَّى عَرَفَ الرَّجُلُ الْغَضَبَ فِيهِ وَالْإِعْرَاضَ عَنْهُ فَشَكَا ذِّلِكَ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُ بِأَمْرِ الْقُبَّةِ فَرَجَعَ فَهَدَمَهَا حَتَّى سَوَّاهَا بِالْأَرْضِ فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ يَرَهَا فَسَأَلَ فَقَالُوا: رَأَى صَاحِبُهاَ إِعْرَاضَكَ عَنْهُ فَهَدَمَهَا فَقَالَ: «أَمَا إِنَّ كُلَّ بِناَءٍ وَباَلٌ عَلَى صَاحِبِهِ إِلا مَا لَا، إِلا مَا لَا، يَعْنِي مَا لَا بُدَّ مِنْهُ»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (٥).

• وَعَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «النَّفَقَةُ كُلُّهاَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا الْبِنَاءَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ».

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: الْبِنَاءُ كلُّهُ وَباَلٌ، قِيلَ لَهُ: أَرَأيْتَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ؟ قَالَ: لَا أَجْرَ وَلَا وِزْرَ (٦)، رَوَاهُماَ التِّرْمِذِيُّ (٧).


(١) الخص بالضم: بيت من قصب أو خشب يأوي فيه حافظ البستان والزرع، قد وهى أي تخرق واسترخي رباطه.
(٢) أسرع من خراب هذا الخص، والمراد الحث على الزهد في الدنيا والعمل للآخرة.
(٣) بسندين صحيحين.
(٤) أي عالية مرتفعة.
(٥) بسند صالح.
(٦) وللطبراني في الأوسط: إذا أراد الله بعبد سوءا أنفق ماله في البنيان، وهذا كله في بناء لم تمس الحاجة إليه ولا سيما إذا كان فخرا ورياء وعلوا واستكبارا فهو وبال وعليه السؤال والعقاب، وكذا إطالة البناء وإعلاؤه مذموم لما سبق في الإيمان: وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، ولحديث ابن أبي الدنيا: "إذا رفع الرجل بناء فوق سبعة أذرع نودي يا فاسق إلى أين تذهب" وهذا بالنسبة لزمانهم، أما إذا كان البناء وإعلاؤه لحاجة إليه للسكن أو للاستغلال والارتزاق بما جرت به عادة خيار الناس زمانا ومكانا فلا شيء فيه بل ربما كان فيه الأجر إذا احتسبه كالمباحات من أكل وشرب ولباس وسعى على عيال إذا احتسبها، وكذا إذا كان البناء قرية كمسجد ومدرسة ومأوى للضيوف والمساكين فهو في سبيل الله تعالى بلا شك والله أعلم.
(٧) الأول بسند حسن والله أعلى وأعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>