للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَقَوَّى بِهاَ فَإِذَا جَاؤوا أَمَرَنِي فَأُعْطِيهِمْ وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هذَا اللَّبَنِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ بُدٌّ (١) فَأَتَيْتُهُمُ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا فاَسْتَأْذَنُوا فَأَذِن لَهُمْ وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ (٢)، قَالَ: «ياَ أَباَ هِرَ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ ياَ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «خُذْ فَأَعْطِهِمْ» فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى (٣) ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ: «ياَ أَباَ هِرَ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ ياَ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «بَقِيتُ أَناَ وَأَنْتَ»، قُلْتُ: صَدَقْتَ ياَ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «اقْعُدْ فاَشْرَبْ» فَقَعَدْنُ فَشَرِبْتُ فَقَالَ: «اشْرَبْ» فَشَرِبْتُ فَماَ زَالَ يَقُولُ «اشْرَبْ» حَتَّى قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا (٤)، قَالَ: «فَأَرِنِي» فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ (٥)، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ.

• عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ إِذَا صَلَّى بِالنَّاسِ يَخِرُّ رِجَالٌ مِنْ قاَمَتِهِمْ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الْخَصَاصَةِ (٦) وَهُمْ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ حَتَّى يَقُولَ الْأَعْرَابُ هؤُلَاءِ مَجَانِينُ (٧) أَوْ مَجَانُونَ فَإِذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا لَكمْ عِنْدَ اللَّهِ لَأَحْبَبْتُمْ أَنْ تَزْدَادُوا فاَقَةً وَحَاجَةً (٨)»، قَالَ فَضَالَةُ: وَأَناَ يَوْمَئِذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.


(١) فلا مفر لي من طاعته في دعوة أهل الصفة.
(٢) فدخلوا بيت النبي وجلسوا.
(٣) أي أعطيه لرجل آخر فيشرب حتى يروى وهكذا.
(٤) شربت وامتلأت حتى لم يبق موضع للبن في جسمي.
(٥) فحمد الله على البركة في هذا اللبن وظهور هذه المعجزة العظيمة في لبن غايته ثلاثة أرطال يكفي أكثر من عشرة في أشد الجوع ويبقى منه ولكن هي البركة في الأولى والآخرة والمعجزة فيها أظهر وأجلى، نسأل الله التوفيق والبركة في كل شيء آمين.
(٦) الخصاصة. شدة الجوع، قال الله تعالى في الأنصار ﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾.
(٧) حتى يقول الأعراب الذين لا يعرفونهم هؤلاء مجانين أو مجانون وهذه لغة شاذة كشياطون في جمع شيطان.
(٨) هذا ترغيب عظيم في الفقر والحاجة إذا صبر ورضي بحكم الله تعالى والتوفيق بيد الله وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>