للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقًا قَالَ الْمَلَكُ: أَيْ رَبِّ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، فَماَ الرِّزْقُ، فَماَ الْأَجَلُ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ (١)»، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

• عَنْ عَلِيَ قَالَ: كَانَ رَسُولَ اللَّهِ جَالِسًا ذَاتَ يَوْمٍ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكتُ بِهِ (٢) فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ نَفْسٍ إِلا وَقَدْ عُلِمَ مَنْزِلُهاَ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ (٣)» قاَلُوا: ياَ رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ نَعْمَلُ أَفَلَا نَتكِلُ (٤)، قَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِماَ خُلِقَ لَهُ» ثُمَّ قَرَأَ ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ الْآيَتَيْنِ (٥)، رَوَاهُ الْأَربَعَةُ.

قِيلَ: ياَ رَسُولَ اللَّهِ بَيِّنْ لَناَ دِينَناَ كَأَنَّا خُلِقْناَ الْآن (٦) فَفَيمَ الْعَمَلُ الْيَوْمَ أَفِيماَ جَفَّتْ بِهِ الْأَفْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقاَدِيرُ أَمْ فِيماَ نَسْتقْبِلُ (٧)، قَالَ: «لَا، بَلْ فِيماَ جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقاَدِيرُ»، قاَلَ: فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ قَالَ: «كلُّ عامِلٍ مِيَسَّرٌ لِعَمَلِهِ»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَلَفْظْهُ: قَالَ عُمَرُ ياَ رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا نَعْمَلُ فِيهِ أَمْرٌ مُبْتَدَعٌ أَوْ فِيماَ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ فَقَالَ: «فِيماَ قَدْ فرِغَ مِنْهُ ياَ ابْنَ الْخَطَّابِ كُلٌّ مُيَسَّرٌ. أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعاَدَةِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ لِلسَّعاَدَةِ (٨) وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ لِلشَّقاَءِ (٩)».


(١) وبيان ذلك أن الله تعالى وكل بالرحم ملكا فإذا استقرت فيه النطفة قال الملك: يا رب هذه النطفة مخلقة أو غير مخلقة؛ فإن قيل له غير مخلقة قذفها فنزلت من الرحم، وإن قيل مخلقة تولاها فإذا صارت علقة أمره الله بتصويرها تصويرًا أوليًا ثم يستفهم عن وصفها من ذكورة أو أنوثة وشقاوة أو سعادة وما رزقها وما أجلها فيعلمه الله بذلك فيكتبه في صحيفة تكون مرجعًا لملائكة الأعمال كل هذا وهو في ظلمات الأرحام فسبحان اللطيف الخبير.
(٢) أي في الأرض.
(٣) لبعض الملائكة وهو في بطن أمه.
(٤) وتترك العمل.
(٥) فأما من أعطى حق الله للمساكين واتقي الله وصدق بالحسنى - بالكلمة الحسني - وهي لا إله إلا الله، فاعتقدها وقال بها وعمل بفروعها فسنيسره أي نهيئه لليسرى وهي الجنة، وأما من بخل بحق الله واستغنى عن ثوابه وكذب بالحسنى - بلا إله إلا الله - فسنيسره للعسرى وهي النار نعوذ بالله منها.
(٦) فلم ندر شيئا إلى الآن.
(٧) فأحوالنا وأعمالنا قدرت وكتبت علينا قبل ذلك أم لم تقدر علينا إلا بعد وقوعها وظهورها في الوجود.
(٨) يهيأ لعملها.
(٩) يهيأ لعمله.

<<  <  ج: ص:  >  >>