للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فقاَلَ: اكْتُبْ، قاَلَ: مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبِ الْقَدَرَ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائنٌ إِلَى الْأَبَدِ»، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (١) وَأَبُو دَاوُدَ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَيْرُوزٍ الدَّيْلَمِيُّ: أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ لَهُ: وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُذْهِبَهُ مِنْ قَلْبِي، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَذَّبَ أَهْلَ سَمَوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَكانَ غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ إِيَّاهُمْ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ (٢) وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكنْ لِيُخْطِئَكَ وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ مِثْلَ ذلِكَ، ثمَّ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَماَنِ فَقَالَ ذلِكَ، ثمَّ أَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ بِمِثْلِ ذلِكَ (٣)، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.


(١) بسند غريب.
(٢) فلو عذب الله عباده كلهم ما كان ظالما لهم لأن الظلم مستحيل عليه تعالى كما سبق في حديث "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا" في التوبة من كتاب الأذكار، ولو رحمهم لكانت رحمته فضلا منه تعالى فإنه لا يجب عليه شيء لعباده لأنه المالك لهم على الإطلاق وللمالك التصرف في ملكه كما يشاء بخلاف ما يملكه العبد فإنه ملك صوري فقط والواقع أنه وديعة تحت يده ينتفع به ويتصرف فيه تصرف الأمين كما قال القائل :
وما المال والأهلون إلا ودائع … ولا بد يوما أن ترد الودائع
(٣) فعبد الله الديلمي وقع في نفسه شيء من جهة القدر كوسوسة شياطين الجن والإنس بقولهم: إن الأمور ليست مقدرة قبل وجودها وإذا قلنا بتقديرها فالمقدر لها هو الله تعالى، وإذا كان الله تعالى هو الذي قدر الأمور كلها ومنها الشر على عباده فكيف يعاقبهم أفلا يكون ظلما فتقابل مع أبيّ بن كعب وعبد الله بن مسعود وحذيفة وزيد بن ثابت وسألهم عن القدر فأجابوه بأنه ثابت في الكتاب والسنة وأن الإيمان به فرض عيني على كل مسلم والله تعالى هو الملك المطلق والفاعل المختار فلا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون جل شأن ربنا وعلا.
(تنبيه): مرويات أبي داود هنا في لزوم السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>