للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ يَبْعَثُ عَلَيْكمْ عِقاَبًا مِنْهُ ثمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكمْ (١)» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ (٢).

• عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: بَيْنَماَ نَحْنُ حَوْلَ النَّبِيِّ «إِذْ ذُكِرَتِ الْفِتْنَة فَقاَلَ: إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَاناَتُهُمْ (٣) وَكَانُوا هكَذَا» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: كيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذلِكَ ياَ رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: «الْزَمْ بَيْتَكَ وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ (٤) وَخُذْ بِماَ تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ (٥) وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ (٦)»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، نَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ لِماَ يُحِبُّ وَيَرْضى آمِين.


(١) فعدم الأمر والنهي سيء العاقبة وهي عدم إجابة الدعاء وعموم العذاب وهذان واقعان بنا الآن فلا دعاء يجاب والعذاب بيننا بقتال بعضنا لبعض، وهذا من ترك الشرع والخروج عليه ولا سيما النساء، وقسوة القلوب من الحكام والأغنياء، بل والطامة الكبرى أن صارت أيدي الأجانب على المسلمين في بقاع الأرض إلا قليلا ممن أنجى الله منهم، نسأل الله أن يتوب علينا ويوفقنا لما فيه رضاه آمين.
(٢) بسند حسن.
(٣) مرجت عهودهم. فسدت، وخفت أماناتهم أي قلت، وشبك بين أصابعه أي اختلط أمرهم والتبس فلا يعرف الأمين من الخائن ولا البر من الفاجر.
(٤) أي دع الكلام في أحوال الناس لئلا يؤذوك.
(٥) اعمل بالمعروف شرعا واترك المنكر شرعا.
(٦) عليك بأمر خاصة نفسك أي اشتغل بما يخصك لدينك ودنياك، ومن هذا ما سبق في تفسير سورة المائدة: بل ائتمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك ودع عنك العوام، فمضمون هذه النصوص أنه إذا فسد أهل الزمان وصاروا هكذا فقل خيارهم وكثر أشرارهم وسقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعدم الفائدة، وربما ناله منهم أذى ولكن يبقى مستحبا كما سبق، وهذا لا ينافي أنه يجب على الخطباء والوعاظ والمرشدين المعينين من قبل الحكومة القيام بوظائفهم كما كلفوا بها إطاعة لأمر الولاة وتوفية لأعمالهم المأجورة. ويثابون عليها إذا أخلصوا واحتسبوا لله، فإن الثواب وإن كان من فضل الله ولكن بسبب الأعمال والإخلاص فيها، نسأل الله كامل الإخلاص في الأقوال والأفعال آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>