للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدِ ابْتَدَأْتُهُ مُسْتَعِينًا بِاللهِ فِي رَجَبٍ الْفَرْدِ (١) سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلَاثمِائَةٍ بَعْدَ الْأَلْفِ مِنْ هِجْرَةِ الْمُصْطَفَى . وَأَتْمَمْتُهُ بِتَوْفِيقِ اللهِ تَعَالَى فِي صَبِيحَةِ الاِثْنَيْنِ الْمُبَارَكِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلَاثِمَائَةٍ بَعْدَ الْأَلْفِ الْهِجْرِي (٢). وَلَا أَقُولُ فِي عَمَلِي هذَا إِنِّي وَفَّيْتُ بِالْمُرَادِ، وَلكِنِّي أَجْهَدْتُ نَفْسِي عَلَى قَدرِ طَاقَتِي لَعَلِّي أُوَافِقُ الصَّوَابَ، فَإِنْ أَصَبْتُهُ فَذاكَ مَا أَرَدْتُ وَرَجَوْتُ، وَإِلَّا فَمَا أَنَا إِلَّا إِنْسَانٌ شَأْنُهُ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ (٣). وَإِنِّي أَضْرَعُ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يَكْسُوَهُ ثَوْبَ الإِخْلَاصِ وَأَنْ يُجَمِّلَهُ بِحُلَّةِ الْقَبُولِ فَهُوَ سُبْحَانَهُ خَيْرُ مَسْؤُولٍ وَأَكْرَمُ مَأْمُولٍ.


(١) الذي انفرد عن بقية الأشهر الحرم، وستأتي في الصوم إن شاء الله.
(٢) وهذا ليس بكثير بالنسبة للأصول الخمسة التي هي خمسة وعشرون مجلدًا. فإذا جمعت وهذبت ورتبت وأحكمت في بضع سنين فهو عمل كثير في زمن قصير، ولا سيما طريقة الأصول التي ترجمت لكل حديث، وهذا من دواعي الإطالة والسآمة. ولكني بتوفيق الله تعالى كنت أبذل غاية جهدي للعثور على عنوان يشرف على طائفة من الأحاديث وأضعها على الاصطلاح السالف، وهذا بالطبع يقتضي فهمها أولًا ومراعاة ما يحيط بها من صناعة فمن الحديث ثانيًا، كلما لا يخفى. وقد قيل إن الحافظ ابن حجر ابتدأ شرح البخاري سنة ٨١٧ هـ وانتهى منه سنة ٨٤١ هـ، وهذا هو شمس العلماء في زمانه. فأين مثلي الضعيف من هؤلاء القوم أساطين العلم وشموس الهدى . ومع هذا فالأمور لا ينظر إليها من حيث إيجادها وقطع الزمن في تحصيلها، إنَّما ينظر إليها من حيث قيمتها والنفع بها. فبهذا يسمو شأنها ويعلو كبيت العنكبوت وحرير الدود في سرعة وجود الأول وكثرته مع خسته وبطء الثاني وقلته مع عزته.
(٣) وبهذا اعتذرت للقارئ الكريم عما يجده في الكتاب، وبه أعتذر أيضًا للقارئ اللبيب عما يعثر عليه في الشرح، فإن في زماننا هذا ألف عذر وعذر لمن اشتغل بالتأليف. وما رأينا مؤلفًا ولا غيره سلم للآن. وأنا لست بإنسان معصوم بل إني إنسان ضعيف من شأني الخطأ والنسيان. أسأل الله الحفظ من الزلل والغواية، والتوفيق للرشد والهداية، فما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>