للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَة مَحْلُوقُ الرَأْسِ مُشَمَّرُ الإزَارِ (١)» فَقاَلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ فَقَالَ: «وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ» قاَلَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ فَقاَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: ياَ رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقهُ فَقَالَ: «لَا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصْلِّي» قَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلَ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ» ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍ (٢) فَقَالَ: إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هذَا (٣) قَوْمٌ يَتْلونَ كِتاَبَ اللَّهِ رَطْبًا (٤) لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ (٥) قَالَ أَظُنُّهُ قَالَ: «لَئِنْ أَدْرَكْتَهُمْ لَأَقْتُلنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ (٦)».

• وَعَنْهُ قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ وَهُوَ بِالْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا إِلَى رَسُولَ اللَّهِ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ: عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ وَزَبْدِ الْخَيْلِ وَعَلْقَمَةَ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ فَقَالُوا: أَيُعْطِي صَنَادِيدَ نَجْدٍ وَيَدَعُناَ (٧)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّمَا فَعَلْتُ ذلِكَ لِأَ تَأَلَّفَهُمْ فجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتْينِ غَائرُ الْعْيَنْينِ ناَتِيُّ الْجَبِينِ محْلُوقُ الرَّأْسِ» فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحمَّدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «فَمَنْ يُطِعِ اللَّه إِنْ عَصَيْتُهُ أَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَلَا تَأْمَنُونِي»، ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ فاَسْتَأْذَنَ أَحَدُ الْقَوْمِ فِي قَتْلِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئي هذَا قَوْمًا يَقْرأُونَ القُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلامِ وَيَدْعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ (٨) يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَماَ يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ» رَوَاهُماَ الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ (٩).


(١) غزير شعر اللحية وحالف رأسه بخلاف العرب حينذاك فإنهم كانوا يبقون شعورهم ويفرقونها.
(٢) ثم ينظر النَّبِيّ إلى هذا الرجل وهو مول قفاه ذاهبًا.
(٣) من أصله وجنسه.
(٤) يكثرون من تلاوته فلا تزال ألسنتهم رطبة به.
(٥) لا يجاوز حناجرهم: لا يصل إلى تراقيهم وأول إلى قلوبهم.
(٦) سبق هذا في آداب القراءة.
(٧) الصناديد جمع صنديد. وهو السيد في قومه.
(٨) فهؤلاء يودون الكفار ويبغضون أهل الإسلام.
(٩) مرويات البخاري هنا في بعث خالد وفي باب من ترك قتال الخوارج للتألف وفي فضل القرآن. ومرويات مسلم في الزكاة واللفظ في الكل له.

<<  <  ج: ص:  >  >>